للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومثل هذه الحيلة لو أراد أن يجعل بعض رأس مال السَّلَم دَينًا (١) يوفيه إياه في وقت آخر، بأن يكون معه نصف دينار ويريد أن يُسلِم إليه دينارًا في كُرِّ (٢) حنطةٍ، فالحيلة أن يُسلِم إليه دينارًا غير معين، ثم يوفيه نصف الدينار، ثم يعود فيستقرضه منه، ثم يوفيه إياه عما له عليه من الدين، فيتفرقان وقد بقي له في ذمته نصف دينار.

وهذه الحيلة من أقبح الحيل؛ فإنهما لا يخرجان بها عن بيع دينار بنصف دينار، ولا عن تأخير رأس مال السَّلَم عن مجلس العقد، ولكن توصَّلا إلى ذلك بالقرض الذي جعلا صورته مبيحة لصريح الربا، ولتأخير قبض رأس مال السَّلَم، وهذا غير القرض الذي جاءت به الشريعة، وهو قرض لم يشرعه الله، وإنما اتخذه المتعاقدان تلاعبًا بحدود الله وأحكامه، واتخاذًا لآياته هُزوًا. وإذا كان القرض الذي يجرُّ النفع ربًا عند صاحب الشرع، فكيف بالقرض الذي يجرُّ صريح الربا وتأخير قبض رأس مال السَّلَم؟

فصل

ومن الحيل الباطلة المحرمة: التحيلُ على إسقاط ما جعله الله سبحانه حقًّا للشريك على شريكه من استحقاق الشفعة دفعًا للضرر، والتحيل لإبطالها مناقض لهذا الغرض، وإبطالٌ لهذا الحكم بطريق التحيل. وقد ذكروا وجوهًا من الحيل.


(١) ك: «دينارا»، تحريف.
(٢) الكُر: مكيال لأهل العراق، ستون قفيزًا أو أربعون إردبًّا.