للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بتأويله. وذلك كلُّه قبل استقرار الحكم، فلما استقرَّ الحكم لم يكن بعد ذلك يجزئ إلا ما وافق الشرع المستقر. وبالله التوفيق.

فصل

وأما التفريق بين صلاة الليل وصلاة النهار في الجهر والإسرار، ففي غاية المناسبة والحكمة. فإنَّ الليل مظنّةُ هدوء الأصوات، وسكون الحركات، وفراغ القلوب، واجتماع الهمم المشتَّتة [٣٢١/ب] بالنهار. فالنهارُ محلُّ السَّبح الطويل بالقلب والبدن، والليلُ محلُّ مواطأةِ القلب للسان، ومواطأةِ اللسان للأذن.

ولهذا كانت السنة تطويل قراءة الفجر على سائر الصلوات. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ فيها بالستِّين إلى المائة (١)، وكان الصدِّيق يقرأ فيها بالبقرة (٢)، وعمر بالنحل وهود وبني إسرائيل ويونس ونحوها من السور (٣)؛ لأن القلب أفرغ ما يكون من الشواغل حين انتباهه من النوم، فإذا كان أولَ ما


(١) أخرجه البخاري (٥٤١) ومسلم (٤٦١) من حديث أبي برزة.
(٢) رواه مالك (٢٧٠)، وعنه الشافعي في «الأم» (٨/ ٥٦٦) ــ ومن طريقهما البيهقي (٢/ ٣٨٩) ــ، وعبد الرزاق (٢٧١١، ٢٧١٣)، وابن أبي شيبة (٣٥٦٥)، والطحاوي في شرح «معاني الآثار» (١/ ١٨٢). ويُنظر: «الإمام» لابن دقيق العيد (٤/ ٥٤ - ٥٨).
(٣) يُنظر: «الموطأ» لمالك (٢٧١)، و «المصنف» لعبد الرزاق (٢٧٠٩، ٢٧١٠، ٢٧١٥، ٢٧١٦، ٢٧١٨، ٢٧٢٤)، و «المصنف» لابن أبي شيبة (٣٥٦٦ - ٣٥٦٩)، و «صحيح البخاري»، كتاب الصلاة، باب الجمع بين السورتين في الركعة، و «شرح معاني الآثار» للطحاوي (١/ ١٨٠ - ١٨١)، و «فضائل القرآن» للمستغفري (٧١٨)، و «السنن الكبير» للبيهقي (٢/ ٣٨٩).