للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم جاءت السنة بأن القاتل والكافر (١) والرقيق (٢) لا يرِث، [٧٢/أ] ولم يكن نسخًا للقرآن مع أنه زائد عليه قطعًا، أعني في موجبات الميراث؛ فإن القرآن أوجبه بالولادة وحدها، فزادت السنة مع وصف الولادة اتحاد الدين وعدم الرقّ والقتل، فهلَّا قلتم: إن هذا زيادة على النص فيكون نسخًا والقرآن لا ينسخ بالسنة؟ كما قلتم ذلك في كل موضع تركتم فيه الحديث؛ لأنه زائد على القرآن.

الوجه الخامس: أن تسميتكم للزيادة المذكورة نسخًا لا تُوجِب بل لا تُجوِّز مخالفتَها، فإن تسمية ذلك نسخًا اصطلاح منكم، والأسماء المتواضَع عليها التابعة للاصطلاح لا توجب رفع أحكام النصوص، فأين سمى الله أو رسوله ذلك نسخًا؟ وأين قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جاءكم حديثي زائدًا على ما في كتاب الله فردُّوه ولا تقبلوه فإنه يكون نسخًا لكتاب الله؟ وأين قال الله: إذا قال رسولي قولًا زائدًا على القرآن فلا تقبلوه ولا تعملوا به ورُدُّوه؟ وكيف يَسُوغ ردُّ سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقواعد قعَّدتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان؟

الوجه السادس: أن يقال: ما تَعْنُون بالنسخ الذي تضمَّنته الزيادة بزعمكم؟ أتعنون أن حكم المزيد عليه من الإيجاب والتحريم والإباحة بطل بالكلية، أم تعنون به تغيُّرَ وصفه بزيادة شيء عليه من شرط أو قيد أو حال أو مانع أو ما هو أعمُّ من ذلك؟ فإن عنيتم الأول فلا ريبَ أن الزيادة لم تتضمن ذلك فلا تكون ناسخة، وإن عنيتم الثاني فهو حق، ولكن لا يلزم منها بطلان


(١) تقدم تخريجهما.
(٢) رواه البخاري (٢٣٧٩) ومسلم (١٥٤٣) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.