للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا لقضينا فيه بغير هذا، أو قال: إن كِدنا لنقضي (١) فيه برأينا. فترك اجتهاده - رضي الله عنه - للنص.

وهذا هو الواجب على كل مسلم؛ إذ اجتهاد الرأي إنما يُباح للمضطر كما تُباح له الميتة والدم عند الضرورة، {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ١٧٣].

وكذلك القياس إنما يُصار إليه عند الضرورة.

قال الإمام أحمد - رضي الله عنه -: سألت الشافعي عن القياس، فقال: عند الضرورة، ذكره البيهقي في «مدخله» (٢).

وكان زيد بن ثابت لا يرى للحائض أن تَنْفِر حتى تطوف طواف الوداع، وتناظر في ذلك هو وعبد الله بن عباس، فقال له ابن عباس: إمّا لا فَسَلْ فلانة الأنصارية، هل أمرها بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرجع زيد يضحك ويقول: [٥٤/ب] ما أراك إلا قد صدقتَ، ذكره البخاري في «صحيحه» (٣) بنحوه.

وقال ابن عمر: كنا نُخابِر ولا نرى بذلك بأسًا، حتى زعم رافع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها، فتركناها من أجل ذلك (٤).

وقال عمرو بن دينار: عن سالم بن عبد الله أن عمر بن الخطاب نهى عن الطيب قبل زيارة البيت وبعد الجمرة، فقالت عائشة: طيَّبتُ رسول الله


(١) ت: «نقضي».
(٢) برقم (٢٤٨)، وفي «مناقب الشافعي» (١/ ٤٧٨).
(٣) رقم (١٧٥٨)، ورواه مسلم (١٣٢٨).
(٤) رواه مسلم (١٥٤٧).