للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوالله ما رضي له بحد الزاني (١) حتى حكم عليه بضرب العنق وأخذ المال، وهذا هو الحق المحض؛ فإن جريمته أعظم من جريمة من زنى بامرأة أبيه من غير عقدٍ، فإن هذا ارتكب محظورًا واحدًا، والعاقد عليها ضمَّ إلى جريمة الوطء جريمة العقد الذي حرّمه الله، فانتهك حرمة شرعه بالعقد، وحرمة أُمِّه بالوطء، ثم يقال: الأصول تقتضي سقوط الحدّ عنه! وكذلك حُكْم النبي - صلى الله عليه وسلم - برجم اليهوديين هو من أعظم الأصول، فكيف رُدَّ هذا الأصل العظيم بالرأي الفاسد ويقال: إنه مقتضى الأصول؟!

فإن قيل: إنما حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالرجم بما في التوراة إلزامًا لهما بما اعتقدا صحته.

قيل: هَبْ أن الأمر كذلك، أفحكمَ بحقٍّ يجب اتباعه وموافقته وتحرم مخالفته أم بغير ذلك؟ فاختاروا أحد الجوابين ثم اذهبوا إلى ما شئتم.

المثال الرابع والثلاثون: ردُّ السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في وجوب الوفاء بالشروط في النكاح (٢)، وأنها أحقُّ الشروط بالوفاء على الإطلاق، بأنها خلاف الأصول، والأخذ بحديث النهي عن بيع وشرط (٣) [٨٨/أ] الذي لا يُعلم له إسناد يصح، مع مخالفته للسنة الصحيحة والقياس


(١) ت: «ما أرضى له بحد الزنا».
(٢) رواه البخاري (٥١٥١) من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه -.
(٣) رواه الطبراني في «الأوسط» (٤٣٦١) والحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص ١٢٨) وأبو نعيم في «مسند أبي حنيفة» (ص ١٦٠). وفي إسناده عبد الله بن أيوب القِربي، قال الدارقطني فيه: متروك. وانظر: «السلسلة الضعيفة» (٤٩١).