للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمن رأى شيئًا من الشريعة مخالفًا للقياس، فإنما هو مخالف للقياس الذي انعقد في نفسه، ليس مخالفًا للقياس الصحيح الثابت في نفس الأمر. وحيث علمنا أن النص [جاء] (١) بخلاف قياسٍ علمنا قطعًا أنه قياس فاسد، بمعنى أن صورة النص امتازت عن تلك الصور التي يُظَنُّ أنها مثلُها بوصفٍ أوجبَ تخصيصَ الشارع لها بذلك الحكم. فليس في الشريعة ما يخالف قياسًا صحيحًا، ولكن [فيها ما] (٢) يخالف القياس الفاسد، وإن كان بعض الناس لا يعلم فساده. ونحن نبيِّن ذلك فيما (٣) ذُكِر في السؤال.

فالذين قالوا: «المضاربة والمساقاة والمزارعة على خلاف القياس» ظنوا أن هذه العقود من جنس الإجارة؛ لأنها عملٌ بعوض، والإجارة يشترط فيها العلم بالعوض والمعوَّض. فلما رأوا العمل والربح في هذه العقود غيرَ معلومين قالوا: هي على خلاف القياس. وهذا من غلطهم، فإن هذه العقود من جنس المشاركات، [٢٣٥/ب] لا من جنس المعاوضات المحضة التي يشترط فيها العلم بالعوض والمعوَّض. والمشاركات جنسٌ غير جنس المعاوضات، وإن كان فيها (٤) شَوبُ المعاوضة. وكذلك المقاسمة جنسٌ غير جنس المعاوضة المحضة، وإن كان فيها شوبُ المعاوضة، حتى ظنَّ بعض الفقهاء أنها بيعٌ يشترط فيها شروط البيع الخاص.


(١) زيد ما بين الحاصرتين فوق السطر في ح. وهو في المتن في ف، وكذا في «مجموع الفتاوى»، ولم يرد في ت، ع. وفي النسخ المطبوعة: «ورد».
(٢) من «مجموع الفتاوى».
(٣) في «مجموع الفتاوى»: «نبيِّن أمثلة ذلك مما». وفي حاشية ح كتب بعضهم كلمة «أمثلة» ووضع علامةً قبل «ذلك» للدلالة على موضعها وأدخلها ناسخ ف في المتن.
(٤) في «مجموع الفتاوى»: «وإن قيل إن فيها».