للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الأول

في شمول النصوص وإغنائها عن القياس

وهذا يتوقف على بيان مقدمة، وهي أن دلالة النصوص نوعان: حقيقية، وإضافية. فالحقيقية تابعة لقصد المتكلم وإرادته، وهذه الدلالة لا تختلف. والإضافية تابعة لفهم السامع وإدراكه، وجَودة قريحته (١)، وصفاء ذهنه، ومعرفته بالألفاظ (٢) ومراتبها. وهذه الدلالة تختلف اختلافًا متباينًا بحسب تباين السامعين في ذلك.

وقد كان أبو هريرة وعبد الله بن عمرو (٣) أحفظ الصحابة للحديث وأكثرهم رواية له. وكان الصدِّيق وعمر وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت أفقه منهما، بل عبد الله بن عباس أيضًا أفقه منهما ومن عبد الله بن عمرو (٤). وقد أنكر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على عمر فهمَه إتيان البيت الحرام عام الحديبية من إطلاق قوله: «إنك ستأتيه وتتطوَّف به» (٥)، فإنه لا دلالة في هذا اللفظ على


(١) أضاف بعضهم في ح باء الجر: «بقريحته» إذ قرأ: «جُوده». ولهذا الخطأ في قراءة الكلمة أثبت في ع: «جوده وقريحته». والصواب ما أثبت، وهو المقترح في حاشية ف. وفي النسخ المطبوعة: «وجودة فكره وقريحته»، والظاهر أن من أضاف كلمة فكره كانت نسخته موافقة لنسخة ع.
(٢) ع: «ومعرفة الألفاظ».
(٣) ت: «عمر». وكذا في النسخ المطبوعة.
(٤) هنا في ت أيضًا كما أثبت من غيرها. ولكن في النسخ المطبوعة: «عمر».
(٥) انظر حديث صلح الحديبية. أخرجه البخاري (٢٧٣١) ولفظه: «فإنك آتيه ومطوِّف به». وفي ع: «تطوف»، وكذا في النسخ المطبوعة.