للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا عُرِف ذلك فيوسف الصديق كان قد كِيدَ غير مرة: أولها أن إخوته كادوا به كيدًا حيث احتالوا في التفريق بينه وبين أبيه. ثم إن امرأة العزيز كادتْه بما أظهرتْ أنه راودها عن نفسه، حتى أُودع السجن. ثم إن النسوة كادوه حتى (١) استجار بالله [٧٣/ب] من كيدهن فصرفه عنه؛ فقال له يعقوب: {لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} [يوسف: ٥]، وقال الشاهد لامرأة العزيز: {إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ} [يوسف: ٢٨]، وقال تعالى في حق النسوة: {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ} [يوسف: ٣٤]. وقال للرسول: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ} [يوسف: ٥٠].

فكاد الله سبحانه له أحسنَ كيدٍ وألطفَه وأعدلَه، بأن جمع بينه وبين أخيه، وأخرجه من أيدي إخوته بغير اختيارهم كما أخرجوا يوسف من يد أبيه بغير اختياره، وكاد له عوضَ كيدِ المرأة بأن أخرجه من ضيق السجن إلى فضاء الملك، ومكّنه في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء، وكادَ له في تصديق النسوة اللاتي كذّبنه وراودنَه حين شهدن ببراءته وعفته، وكاد له في تكذيب امرأة العزيز لنفسها واعترافها بأنها هي التي راودته وأنه من الصادقين؛ فهذه عاقبةُ من صبر على كيد الكائد له بغيًا وعدوانًا.

فصل

وكيد الله سبحانه لا يخرج عن نوعين:


(١) في النسختين: «حين». والمثبت من «بيان الدليل».