للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الملكين (١) عند الشافعي وعند أحمد على ما شرطاه. ولا تمتنع هذه الحيلة على أصلنا فإنها لا تُبطِل حقًّا، ولا تُثبِت باطلًا، ولا تُوقِع في محرَّم.

المثال الخامس والعشرون: إذا كان له عليه ألف درهم فأراد أن يصالحه على بعضها فلها ثمانُ صورٍ؛ فإنه إما أن يكون مقرًّا أو منكرًا، وعلى التقديرين فإما أن تكون حالَّةً أو مؤجلةً، ثم الحلول والتأجيل إما أن يقع في المصالح عنه أو في المصالح به، وإنما تتبين أحكام هذه المسائل بذكر صورها وأصولها.

الصورة الأولى: أن يصالحه من ألف حالة قد أقرَّ بها على خمسمائة حالة؛ فهذا صلح (٢) على الإقرار، وهو صحيح على أحد القولين، باطل على القول الآخر؛ فإن الشافعي لا يصحح الصلح إلا على الإقرار، والخرقي ومن وافقه من أصحاب الإمام أحمد لا يصححه إلا على الإنكار، وابن أبي موسى وغيره يصححونه على الإقرار والإنكار، وهو ظاهر النص، وهو الصحيح؛ فالمبطلون له مع الإقرار يقولون: هو هضمٌ للحق؛ لأنه إذا أقرَّ له فقد لزمه ما أقرَّ به، فإذا بذل له دونه فقد هضمه حقَّه، بخلاف المنكر فإنه يقول: إنما افتديتُ يميني والدعوى عليَّ بما بذلتُه (٣)، والآخذ يقول: أخذتُ بعض حقي. والمصححون له يقولون: إنما يمكن الصلح مع الإقرار لثبوت الحق به؛ فتمكن المصالحة على بعضه، وأما مع الإنكار فأيُّ شيء ثبت حتى يصالح عليه؟ فإن قلتم: «صالحه عن الدعوى واليمين وتوابعهما»، فإن هذا


(١) ز: «المالين».
(٢) ز: «أصلح»، خطأ.
(٣) ك، ب: «ما بذلته».