للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا تجوز المعاوضة عليه، ولا هو مما يقابل بالأعواض، فهذا أصل.

والصواب جواز الأمرين للنص والقياس والمصلحة؛ فإن الله تعالى أمرنا بالوفاء بالعقود ومراعاة العهود، وأخبر (١) النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المسلمين على شروطهم، [١١٨/ب] وأخبر أن الصلح بين المسلمين جائز إلا صلحًا أحلَّ حرامًا أو حرَّم حلالًا (٢). وقول من منع الصلح على الإقرار: «إنه هَضْمٌ للحق» ليس كذلك، وإنما الهضم أن يقول: لا أقرُّ لك حتى تهبَ لي كذا وتضع عني كذا، وأما إذا أقرَّ له ثم صالحه ببعض ما أقرَّ به فأيُّ هضمٍ هناك؟ وقول من منع الصلح على الإنكار: «إنه يتضمن المعاوضة عما لا تصح المعاوضة عليه»، فجوابه أنه افتداءٌ لنفسه من الدعوى واليمين وتكليف إقامة البينة، كما تفتدي المرأة نفسها من الزوج بمالٍ تبذله له (٣)، وليس هذا


(١) ك، ب: «أمر». والمثبت من ز.
(٢) رواه أبو داود (٣٥٩٤) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وإسناده حسن، ولفظه: «الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا». وزاد سليمان: «المسلمون على شروطهم» اهـ. وروى أحمد (٨٧٨٤) وابن حبان (٥٠٩١) الشطر الأول فقط، وروى الدارقطني (٢٨٩٠) والحاكم (٢/ ٤٩) الشطرين دون قوله: «إلا صلحًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا». وله شواهد، منها: ما رواه الترمذي (١٣٥٢) والحاكم (٤/ ١٠١) من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جدّه، وصححه الترمذي، وفيه كثير بن عبد الله ضعيف، وأبوه فيه لين. وعلق البخاري شطره الأول في «صحيحه» قبل الحديث رقم (٢٢٧٤). وانظر: «القواعد النورانية» (٢٢٠)، و «البدر المنير» (٦/ ٥٥٢ - ٥٥٤)، و «الإرواء» (١٣٠٣)، و «السلسلة الصحيحة» (٢٩١٥).
(٣) «له» ليست في ك.