للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهو إبراء معلَّق بصفة، ولو قال له: «أنتَ في حلٍّ بعد موتي» (١) صح، ولم يكن تعليقًا للإبراء بالشرط. ونظيره لو قال: «إن متُّ فداري وقفٌ» فإنه تعليق للوقف بالشرط، ولو قال: «هي وقفٌ بعد موتي» صح، والله أعلم.

المثال التاسع والسبعون: لو أن رجلين ضمِنَا رجلًا بنفسه، فدفعه أحدهما إلى الطالب، برئ الذي لم يدفع، وهذا بمنزلة رجلين ضمنا لرجل مالًا فدفعه إليه أحدهما فإنهما يبرآن جميعًا؛ لأن المضمون هو إحضار واحد، فإذا سلَّمه أحدهما فقد وجد الإحضار المضمون فبرِئَا جميعًا.

قال القاضي: وربما ألزمه بعض القضاة الضمانَ بنفس المطلوب، ولا يجعل دفع الآخر براءةً للذي لم يدفع؛ فالحيلة أن يضمنا للطالب هذا الرجل بنفسه، على أنه إذا دفعه أحدهما فهما جميعًا بريئان، فيتخلَّص على قول الكل، أو يشهدا أن كل واحد منهما وكيل صاحبه في دفع هذا الرجل إلى الطالب والتبرُّؤ (٢) إليه، فإذا دفعه أحدهما برِئَا جميعًا منه؛ لأنه إذا كان كل منهما وكيلَ صاحبه كان تسليمه كتسليم موكِّله.

المثال الثمانون: قال القاضي في كتاب «إبطال الحيل»: إذا كان لرجلين على امرأةٍ مال، وهما شريكان، فتزوَّجها أحدهما على نصيبه من المال الذي عليها، لم يضمن لصاحبه شيئًا من المهر؛ لأنه لم يجعل نصيبه في ضمانه، فصار كما لو أبرأه، وربما ضمَّنه بعض الفقهاء؛ فالحيلة فيه أن يهبَ لها نصيبَه مما عليها، ثم يتزوَّجها بعد ذلك على مقدار ما وهبها، ثم تهب المرأة للزوج المهر الذي تزوَّجها عليه؛ لأن أحد الشريكين إذا وهب نصيبه من


(١) في جميع النسخ: «موتك». والمثبت من المطبوع.
(٢) في النسخ: «والتبرى».