للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقائك؛ لما أرجو للناس في ذلك من المنفعة، وما أخاف من الضَّيعة إذا ذهب مثلك، مع استئناسي بمكانك وإن نَأَتِ الدار؛ فهذه منزلتك عندي ورأيي فيك فاستيقِنْه. لا تتركِ الكتاب إليَّ بخبرك وحالك وحال ولدك وأهلك، وحاجةٍ إن كانت لك أو لأحد يُوصَل بك، فإني أُسَرُّ بذلك. كتبتُ إليك ونحن صالحون معافون والحمد لله، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم شكْرَ ما أولانا وتمامَ ما أنعم به علينا، والسلام عليك ورحمة الله.

فإن قيل: فما تقولون فيما لو تجمَّلوا وجعلوه [٣٠/أ] حالًا، وقد اتفقوا على تأخيره في الباطن (١) كصدُقاتِ النساء في هذه الأزمنة في الغالب: هل للمرأة أن تطالب به قبل الفرقة أو الموت؟

قيل: هذا ينبني على أصل، وهو إذا اتفقا في السرّ على مهرٍ وسمَّوا في العلانية أكثر منه: هل يؤخذ بالسرّ أو بالعلانية؟ فهذه المسألة مما اضطربت فيها أقوال المتأخرين لعدم إحاطتهم بمقاصد الأئمة، ولا بدَّ من كشف غطائها، ولها في الأصل صورتان:

إحداهما (٢): أن يعقدوه في العلانية بألفين مثلًا، وقد اتفقوا قبل ذلك أن المهر ألف وأن الزيادة سُمْعة، من غير أن يعقدوه بالأقل؛ فالذي عليه القاضي ومن بعده من أصحاب أحمد أن المهر هو المسمَّى في العقد، ولا اعتبارَ بما اتفقوا عليه قبل ذلك، وإن قامت به البينة أو تصادقوا عليه، وسواء كان مهر


(١) ز: «في الباطن على تأخيره».
(٢) د: «أحدهما». ومن هنا إلى (ص ٥٧١) نقله المؤلف من كتاب «بيان الدليل» (ص ١١٤ - ١١٩)، وقد نصَّ على ذلك في آخره.