للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن ذلك أنه بلغني أنك تقول في الخليطَينِ في المال: إنه لا تجب عليهما الصدقة حتى يكون لكل واحدٍ منهما ما تجب فيه الصدقة. وفي كتاب عمر بن الخطاب أنه يجب عليهما الصدقة ويترادَّانِ بالسَّوِية (١)، وقد كان ذلك يُعمل به في ولاية عمر بن عبد العزيز قبلكم وغيره، والذي حدَّثنا به يحيى بن سعيد، ولم يكن بدون أفاضل العلماء في زمانه، فرحمه الله وغفر له وجعل الجنة مصيره.

ومن ذلك أنه بلغني أنك تقول: إذا أفلس الرجل وقد باعه رجل سِلعةً فتقاضى طائفة من ثمنها أو أنفق المشتري طائفة منها= أنه يأخذ ما وجد من متاعه. وكان الناس على أن البائع إذا تقاضى من ثمنها شيئًا أو أنفق المشتري منها شيئًا فليست بعينها.

ومن ذلك أنك تذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُعطِ الزبير بن العوام إلا لفرس واحد، والناس كلهم يحدِّثون أنه أعطاه أربعة أسهُمٍ لفرسين ومنَعَه الفرس الثالث (٢)، والأمة كلهم على هذا الحديث: أهل الشام وأهل مصر وأهل العراق وأهل إفريقية، لا يختلف فيه اثنان؛ فلم يكن ينبغي لك ــ وإن كنتَ سمعتَه من رجل مرضيٍّ ــ أن تخالف الأمة أجمعين.

وقد تركتُ أشياءَ كثيرة من أشباه هذا، وأنا أُحِبُّ توفيقَ الله إيّاك وطُوْلَ


(١) وهو الكتاب الذي كتبه أبو بكر - رضي الله عنه -، رواه البخاري (٢٤٨٧) من حديث أنس - رضي الله عنه -، ثم أخذه من بعده عمر - رضي الله عنه - وعمل به. كما رواه أبو داود (١٥٦٨) من حديث ابن عمر.
(٢) يُنظر: «التلخيص الحبير» (٣/ ٢٢٨ - ٢٢٩)، ولم أعثر على رواية فيها منع النبي - صلى الله عليه وسلم - الزبير الفرس الثالث. وقد رُوي أنه أحضر أفراسًا يوم خيبر.