للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفرضَ الله علينا اتباعه وطاعته.

فإن قيل: القياس بيان لمراد الله ورسوله من النصوص، وأنه أريد بها إثبات الحكم في المذكور في نظيره، وليس ذلك زائدًا على القرآن، بل تفسير له وتبيين.

قيل: فهلّا قلتم: إن السنة بيان لمراد الله من القرآن، تفصيلًا لما أجمله، وتبيينًا لما سكت عنه، وتفسيرًا لما أبهمه، فإن الله سبحانه أمر بالعدل والإحسان [٧٩/أ] والبر والتقوى، ونهى عن الظلم والفواحش والعدوان والإثم، وأباح لنا الطيبات، وحرّم علينا الخبائث؛ فكل ما جاءت به السنة فإنها تفصيل لهذا المأمور به والمنهيّ عنه، والذي أحلَّ لنا وحرَّم علينا.

وهذا يتبيَّن بالمثال التاسع عشر: وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر في حديث النعمان بن بشير أن يعدل بين الأولاد في العطية، فقال: «اتقوا الله واعدِلوا بين أولادكم»، وفي الحديث: «إني لا أشهدُ على جَورٍ» فسماه جَورًا، وقال: «إن هذا لا يصلح»، وقال: «أَشْهِدْ على هذا غيري» (١) تهديدًا له، وإلا فمن الذي (٢) يطيب قلبه من المسلمين أن يشهد على ما حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه جَور وأنه لا يصلح وأنه خلافُ تقوى الله وأنه خلافُ العدل؟ وهذا الحديث هو من تفاصيل العدل الذي أمر الله به في كتابه، وقامت به السماوات والأرض، وانْبنَتْ (٣) عليه الشريعة؛ فهو أشدُّ موافقةً للقرآن من كل قياس على وجه


(١) تقدم تخريج هذه الأحاديث.
(٢) «الذي» ليست في د.
(٣) ت، ع: «وأثبتت».