للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يسمع أيوب من أنس عندهم شيئًا (١).

قال (٢): وقد روي عن الحسن مرسلًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يسلّمون تسليمة [١٠٧/ب] واحدة (٣)، ذكره وكيع عن الربيع عنه، قال: والعمل المشهور بالمدينة التسليمة الواحدة، وهو عمل قد توارثه أهل المدينة كابرًا عن كابرٍ، ومثله يصح فيه الاحتجاج بالعمل في كل بلد، لأنه (٤) لا يخفى؛ لوقوعه في كل يوم مرارًا.

قلت: هذا أصل قد نازعهم فيه الجمهور، وقالوا: عمل أهل المدينة كعمل غيرهم من أهل الأمصار، لا فرقَ بين عملهم وعمل أهل الحجاز والعراق والشام؛ فمن كانت السنة معهم فهم أهل العمل المتَّبع، وإذا اختلف علماء المسلمين لم يكن عمل بعضهم حجة على بعض، وإنما الحجة اتباع السنة، ولا تُترك السنة لكون عمل بعض المسلمين على خلافها أو عمل بها غيرهم، ولو ساغ ترك السنة لعمل بعض الأمة على خلافها لتُرِكت السنن وصارت تبعًا لغيرها؛ فإن عَمل بها ذلك الغير عُمِل بها وإلا فلا. والسنة هي العِيار على العمل، وليس العمل عِيارًا على السنة، ولم تُضمَن لنا العصمة قطُّ في عمل مصر من الأمصار دون سائرها، والجدران والمساكن والبقاع لا تأثير لها في ترجيح الأقوال، وإنما التأثير لأهلها وسكّانها.


(١) انظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (٣٩) و «العلل» للإمام أحمد رواية المروذي (ص ٤١).
(٢) أي ابن عبد البر.
(٣) رواه ابن أبي شيبة (٣٠٨١).
(٤) ت: «فإنه».