للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحكمان؛ فلم يبقَ الأولُ جميعَ الواجب، ولم يحطّ الإثم عمّن اقتصر عليه، ومع ذلك فليس الزائد ناسخًا للمزيد عليه؛ إذ حكمه من الوجوب وغيره باقٍ (١)؛ فهكذا الزيادة المتعلقة بالمزيد لا تكون ناسخًا له، حيث لم ترفع حكمه، بل هو باقٍ على حكمه وقد ضُمَّ إليه غيره.

يوضِّحه الوجه الحادي عشر: أن الزيادة إن (٢) رفعتْ حكمًا خطابيًّا كانت نسخًا، وزيادة التغريب وشروط الحكم وموانعه وجزاؤه (٣) لا ترفع حكم الخطاب، وإن رفع حكم الاستصحاب (٤).

يوضِّحه الوجه الثاني عشر: أن ما ذكروه من كون الأول جميع الواجب وكونه مُجزِئًا وحده وكون الإثم محطوطًا عن المقتصر عليه إنما هو من أحكام البراءة الأصلية؛ فهو حكم استصحابي لم نستفده من لفظ الأمر الأول، ولا أريد به؛ فإن معنى كون العبادة مجزئة أن الذمة بريئة بعد الإتيان بها، وحطُّ الذم عن فاعلها معناه أنه قد خرج من عهدة الأمر فلا يلحقه ذم، والزيادة وإن [٧٣/ب] رفعت هذه الأحكام لم ترفع حكمًا دلَّ عليه لفظ المزيد.

يوضِّحه الوجه الثالث عشر: أن تخصيص القرآن بالسنة جائز، كما أجمعت الأمة على تخصيص قوله: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها» (٥)، وعموم قوله


(١) ت: «وغير مناف» تحريف.
(٢) د، ت: «وإن».
(٣) «وجزاؤه» ليست في ع.
(٤) ت: «الاستحباب».
(٥) تقدم تخريجه.