للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمزيد؛ لأن الناسخ لا يقارن المنسوخ، وقد جوّزتم اقترانها به (١)، وقلتم: تكون بيانًا أو تخصيصًا، فهلّا كان حكمها مع التأخر كذلك، والبيان لا يجب اقترانه بالمبين، بل يجوز تأخيره إلى وقت حضور العمل؟ وما ذكرتموه من إيهام اعتقاد خلاف الحق فهو منتقضٌ بجواز بل وجوب تأخير الناسخ وعدم وجوب الإشعار بأنه سينسخه، ولا محذور في اعتقاد موجب النص ما لم يأتِ ما يرفعه أو يرفع ظاهره؛ فحينئذٍ يعتقد موجبه لذلك، فكان كل من الاعتقادين في وقته هو المأمور به؛ إذ لا يكلِّف الله نفسًا إلا وسعها.

يوضّحه الوجه الثامن: أن المكلَّف إنما يعتقده على إطلاقه وعمومه مقيَّدًا بعدم ورود ما يرفع ظاهره، كما يعتقد المنسوخ مؤبَّدًا اعتقادًا مقيَّدًا بعدم ورود ما يُبطله، وهذا هو الواجب عليه الذي لا يمكنه سواه.

[٧٣/أ] الوجه التاسع: أن إيجاب الشرط الملحق بالعبادة بعدها لا يكون نسخًا وإن تضمَّن رفع الإجزاء بدونه، كما صرَّح بذلك بعض أصحابكم وهو الحق؛ فكذلك إيجاب كل زيادة، بل أولى أن لا تكون نسخًا؛ فإن إيجاب الشرط يرفع إجزاء المشروط عن نفسه وعن غيره، وإيجاب الزيادة إنما يرفع إجزاء المزيد عن نفسه خاصة.

الوجه العاشر: أن الناس متفقون على أن إيجاب عبادة مستقلة بعد الثانية لا يكون نسخًا، وذلك أن الأحكام لم تُشرع جملةً واحدة، وإنما شرعها أحكم الحاكمين شيئًا بعد شيء، وكل منها زائد على ما قبله، وكان ما قبله جميعَ الواجب، والإثم محطوط عمّن اقتصر عليه، وبالزيادة تغيَّر هذان


(١) «به» ليست في ت.