للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بركةَ بيعهما. ومن التزم الصدقَ والبيانَ منهم في مرتبته بورك له في علمه ووقته ودينه ودنياه، وكان مع النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا. ذلك الفضل من الله، وكفى بالله عليمًا. فبالكتمان يعزل الحقَّ عن سلطانه، وبالكذب يقلبه عن وجهه، والجزاء من جنس العمل؛ فجزاءُ أحدهم أن يعزله الله عن سلطان المهابة والكرامة والمحبة والتعظيم الذي يُلبِسُه أهلَ الصدق والبيان، ويُلبِسَه ثوبَ الهوان والمقت والخزي بين عباده. فإذا كان يومُ اللقاء (١) جازى الله سبحانه من يشاء من الكاذبين الكاتمين بطمس الوجوه وردِّها على أدبارها، كما طمسوا وجهَ الحقِّ، وقلبوه عن وجهه، جزاءً وفاقًا {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: ٤٦].

الفائدة الثالثة عشرة: لا يجوز للمفتي أن يشهد على الله ورسوله بأنه أحلَّ كذا أو حرَّمه أو أوجبه أو أحبَّه (٢) أو كرهه إلا لما يعلم أن الأمر فيه كذلك، مما نصَّ الله ورسوله على إباحته أو تحريمه أو إيجابه أو كراهته. وأما ما وجده في كتابه الذي تلقَّاه عمن قلَّده دينَه، فليس له أن يشهد على الله ورسوله به، ويغُرَّ الناس بذلك، ولا علمَ له بحكم الله ورسوله.

قال غير واحد من السلف: ليحذَر أحدكم أن يقول: أحلَّ الله كذا، أو حرَّم (٣) كذا، فيقول الله له: كذبتَ، لم أُحِلَّ كذا، ولم أُحرِّمه (٤).


(١) في النسخ المطبوعة: «القيامة». وكان في ك: «القيامة اللقاء»، ثم ضرب على «القيامة».
(٢) «أو أحبه» ساقط من ك.
(٣) في النسخ المطبوعة: «حرَّم الله».
(٤) سبق تخريجه.