للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا رأيتم آية فاسجدوا»، وأيُّ آيةٍ أعظمُ من ذهاب أزواج النبي (١) - صلى الله عليه وسلم - من بين أظهرنا؟ (٢) فلو لم تأتِ النصوص بالسجود عند تجدُّد النعم لكان هو محض القياس، ومقتضى عبودية الرغبة، كما أن السجود عند الآيات مقتضى عبودية الرهبة، وقد أثنى الله سبحانه (٣) على الذين يسارعون في الخيرات ويدعونه رَغبًا ورهبًا.

ولهذا فرق الفقهاء بين صلاة الكسوف وصلاة الاستسقاء بأن (٤) هذه صلاة رهبةٍ وهذه صلاة رغبةٍ، فصلوات الله وسلامه على من جاءت سنته وشريعته بأكملِ ما جاءت به شرائع الرسل وسننُهم.

المثال السبعون: ردُّ السنة الثابتة الصحيحة بجواز ركوب المرتهن للدابة المرهونة وشُربه لبنَها بنفقته عليها، كما روى البخاري في «صحيحه» (٥): ثنا محمد بن مقاتل أنا عبد الله أنا زكريا عن الشعبي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الرَّهن يُركَب بنفقته إذا كان مرهونًا، ولبنُ الدَّرِّ يُشرَب بنفقته إذا كان مرهونًا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقةُ». وهذا الحكم من أحسن الأحكام وأعدلها، ولا أصلح للراهنين منه، وما عداه ففسادٌ ظاهر؛ فإن الراهن قد يغيب [١٢٤/أ] ويتعذَّر على المرتهن مطالبته


(١) د: «رسول الله».
(٢) رواه أبو داود (١١٩٧) والترمذي وحسنه (٣٨٩١)، والضياء المقدسي (٣٢٣)، وحسنه البغوي (١١٥٦). وانظر: «صحيح أبي داود» - الأم (٤/ ٣٥٧).
(٣) في سورة الأنبياء: ٩٠.
(٤) في النسختين د، ت: «فإن».
(٥) رقم (٢٥١٢).