للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أخبر - صلى الله عليه وسلم - عن الذين أرادوا دخولَ النار لمَّا أمرَهم أميرُهم بدخولها أنهم لو دخلوا لما خرجوا منها (١)، مع أنهم إنما كانوا يدخلونها طاعةً لأميرهم، وظنًّا أن ذلك واجب عليهم. ولكن لما قصَّروا في الاجتهاد، وبادروا [٢٦/أ] إلى طاعته (٢) في معصية الله (٣)، وحمَّلوا عمومَ الأمر بالطاعة ما (٤) لم يُرِده الآمر - صلى الله عليه وسلم - وما قد عُلِم من دينه إرادةُ (٥) خلافه، فقصَّروا في الاجتهاد، وأقدموا على تعذيب أنفسهم وإهلاكها من غير تثبُّت وتبيُّن هل ذلك طاعة لله ورسوله أم لا. فما الظنُّ بمن أطاع غيرَه في صريح (٦) مخالفة ما بعث الله به رسولَه؟ ثم أمر تعالى بردِّ ما تنازع فيه المؤمنون إلى الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأخبرهم أن ذلك خيرٌ لهم في العاجل، وأحسنُ تأويلًا في العاقبة.

وقد تضمَّن هذا أمورًا. منها: أن أهل الإيمان قد يتنازعون في بعض الأحكام، ولا يخرجون بذلك عن الإيمان. وقد تنازع الصحابة في كثير من مسائل الأحكام، وهم سادات المؤمنين وأكملُ الأمة إيمانًا، ولكن بحمد الله لم يتنازعوا في مسألة واحدة من مسائل الأسماء والصفات والأفعال، بل


(١) جزء من حديث علي السابق.
(٢) يعني: "طاعة الأمير".
(٣) ع: "طاعة من في ... ". وفي النسخ المطبوعة: "طاعةِ مَن أمر بمعصية الله"، وكأنه تصرف من بعض الناشرين.
(٤) ع: "مما"، وفي النسخ المطبوعة: "بما".
(٥) لفظ "إرادة" ساقط من ع.
(٦) "صريح" ساقط من ت.