للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا إقامته عليهما. وهذا المسلك وسط بين مسلك من يقول: لا تجوز إقامته بعد التوبة البتة، وبين مسلك من يقول: لا أثر للتوبة في [٢٩٥/ب] إسقاطه البتة. وإذا تأملت السنة رأيتها لا تدل إلا على هذا القول الوسط، والله أعلم.

فصل

وأما قوله: «وقبل شهادة العبد عليه - صلى الله عليه وسلم - بأنه قال: كذا وكذا، ولم يقبل شهادته على واحد من الناس بأنه قال: كذا وكذا». فمضمون السؤال أن رواية العبد مقبولة دون شهادته.

والجواب: أنه لا يلزم الشارعَ قولُ فقيه معيَّن (١) ولا مذهب معيَّن. وهذا المقام لا يُنتصَر (٢) فيه إلا لله (٣) ورسوله فقط. وهذا السؤال كذِبٌ على الشارع، فإنه لم يأت عنه حرف واحد أنه قال: لا تقبلوا شهادة العبد، بل رُدُّوها، ولو كان عالمًا مفتيًا (٤) من أولياء الله، ومن أصدق الناس لهجة؟ بل الذي دلَّ عليه كتابُ الله، وسنةُ رسوله، وإجماعُ الصحابة، والميزانُ العادلُ= قبولُ شهادة العبد فيما تقبل فيه شهادةُ الحُرِّ، فإنه من رجال المؤمنين، فيدخل في قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢] كما دخل في قوله: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: ٤٠]. وهو عدلٌ بالنص والإجماع، فيدخل في قوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}


(١) في المطبوع: «بعينه»!
(٢) ح، ف: «ينصر».
(٣) في المطبوع: «لا يَقضِ فيه إلا الله»!
(٤) في ع زيادة: «فقيهًا»، وكذا في النسخ المطبوعة.