للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالاستحالة فطهرت بالاستحالة. فيقال لهم: وهكذا البول والدم (١) والعَذِرة إنما نجست بالاستحالة، فتطهُر بالاستحالة. فظهر أن القياس مع النصوص، وأن مخالفة القياس في الأقوال التي تخالف النصوص.

فصل

وأما قولهم: إن الوضوء من لحوم الإبل على خلاف القياس، لأنها لحم، واللحم لا يتوضأ منه؛ فجوابه أن الشارع فرَّق بين اللحمين، كما فرَّق بين المكانين، وكما فرَّق بين الراعيين: رعاة الإبل ورعاة الغنم (٢)، فأمر بالصلاة في مرابض الغنم دون أعطان الإبل، وأمر بالتوضؤ من لحوم الإبل دون الغنم؛ كما فرَّق بين الربا والبيع، والذكيِّ (٣) والميتة. فالقياس الذي يتضمن التسوية بين ما فرَّق الله بينه من أبطل القياس وأفسده، ونحن لا ننكر أن في الشريعة ما يخالف القياس الباطل!

هذا مع أن الفرق بينهما ثابت في نفس الأمر، كما فرَّق بين أصحاب الإبل وأصحاب الغنم، فقال: «الفخر والخيلاء في الفدَّادين أصحاب الإبل، والسكينة في أصحاب الغنم» (٤).

وقد جاء أنَّ على ذِروة كلِّ بعير شيطانًا (٥). وجاء أنها جنٌّ خُلِقت من


(١) ع: «وهذا الدم والبول». وكذا في النسخ المطبوعة، غير أن فيها: «وهكذا».
(٢) كذا في ت، ع والنسخ المطبوعة. وهو ساقط من ف. وفي حاشية ح: «راعي الإبل وراعي الغنم».
(٣) في النسخ المطبوعة: «والمذكَّى»، ولعله تغيير، وقد سبق مثله غير مرَّة.
(٤) أخرجه البخاري (٣٣٠١) ومسلم (٥٢) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٥) رواه أحمد (١٦٠٣٩)، والنسائي في «السنن الكبرى» (١٠٢٦٥) من حديث حمزة الأسلمي مرفوعا، وقال: «أسامة بن زيد ليس بالقوي في الحديث». أسامة هو مولى الليثيِّين، وهو صدوقٌ ليِّنُ الحديث، وشيخُه في هذا الحديثِ: محمدُ بن حمزةَ الأسلميُّ، وهو مجهولُ الحال. وقد صحّح ابنُ خزيمةَ الحديثَ (٢٥٤٦)، وكذا ابن حبان (٢٢٦٣)، والحاكم (١/ ٤٤٤). ورواه أحمد (١٧٩٣٨، ١٧٩٣٩) من حديث أبي لاس الخزاعي مرفوعا، وصححه ابن خزيمة (٢٣٧٧، ٢٥٤٣)، والحاكم (١/ ٤٤٤)! ورواه الحاكم (١/ ٤٤٤) من حديث أبي هريرة مرفوعا، وقطع أنه على شرط مسلم! ورواه الطبراني في «المعجم الأوسط» (٦٦٨٨) من حديث جعفر الصادق، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا، لكنه من المناكير والأوابد التي يرويها محمد بن عبد العزيز الرملي عن القاسم بن غصن. والمحفوظ عن جعفر روايتُه إياه عن أبيه الباقر مرسلا، كذا رواه ابن أبي شيبة (٣٠٣٤٠) عن حاتم بن إسماعيل، عن جعفر به. ورواه مسدد [كما في «إتحاف الخيرة المهرة» للبوصيري (٢٤٠٧)، و «المطالب العالية» لابن حجر (١٩٧٩)]، وابن أبي شيبة (٣٠٣٤٢) من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة مرسلا.