للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالأيدي: القوى على تنفيذ أمر الله، والأبصار: البصائر في دينه (١).

وقوله: "آس بين الناس في مجلسك وفي وجهك وقضائك، حتَّى لا يطمعَ شريفٌ في حَيفك، ولا ييأس ضعيفٌ من عدلك". إذا (٢) عدل الحاكمُ في هذا بين الخصمين فهو عنوانُ عدله في الحكومة. فمتى خصَّ أحدَ الخصمين بالدخول عليه، أو القيام له، أو صدرِ المجلس، أو الإقبال عليه والبشاشة له، أو النظر (٣) إليه= كان عنوانَ حَيفه وظُلمه.

وقد رأيتُ في بعض التواريخ القديمة أنَّ أحدَ قضاة العدل في بني إسرائيل أوصاهم إذا دفنوه أن ينبِشوا قبره بعد مدّة، فينظروا هل تغيَّر منه شيء أم لا؟ وقال: إنِّي لم أجُرْ قطُّ في حكم، ولم أُحَابِ (٤) فيه، غير أنه دخل عليَّ خصمان كان [٥٠/أ] أحدهما صديقًا لي، فجعلتُ أصغي إليه بأذني أكثر من إصغائي إلى الآخر. ففعلوا ما أوصاهم به، فرأوا أذنه قد أكلها الترابُ، ولم يتغيَّر جسده (٥).


(١) وانظر: "الداء والدواء" (ص ٢٢٠) و"الفروسية" (ص ١٢٠) و"الوابل الصيب" (ص ١٣٥ - ١٣٦) و"مفتاح دار السعادة" (٢/ ٨٥٨).
(٢) في ت قبل "إذا" وضعت إشارة إلى اليمين، وكتب في الحاشية اليسرى: "هذا أول عدل بين الخصمين". وفي ح غيَّر بعضهم "إذا" إلى "أول" ووضع علامة اللحق، وكتب في الحاشية: "فهذا".
(٣) ع: "والنظر". وكذا في النسخ المطبوعة.
(٤) في طرَّة ت أن في نسخة: "أحيف"، يعني: "ولم أحِفْ".
(٥) أخرج نحوه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر والمغرب" (ص ٢٥٦) والمعافى بن زكريا في "الجليس الصالح الكافي" (٤/ ٩٢).