للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ــ وهو الكتاب والشهود ــ لئلا يجحد الحق (١)، ويحتاج صاحبه إلى تذكير من لم يذكر إما جحودًا وإما نسيانًا. ولا يلزم من ذلك أنه إذا كان هناك ما يدل على الحقِّ لم يُقبل إلا هذه الطريق التي أمرَه أن يحفظ حقَّه بها.

فصل

وإنما أمر الله سبحانه بالعدد في شهود الزنا، لأنه مأمورٌ فيه بالسَّتر، ولهذا غلظ فيه النصاب، فإنه ليس هناك حقّ يضيع، وإنما هو حدّ وعقوبة، والعقوبات تُدرأ بالشبهات؛ بخلاف حقوق الله وحقوق عباده التي تضيع إذا لم يُقبَل فيها قولُ الصادقين. ومعلوم أن شهادة العدل رجلًا كان أو امرأةً أقوى من استصحاب الحال، فإنَّ استصحاب الحال من أضعف البيِّنات. ولهذا يُرفع (٢) بالنكول تارةً، وباليمين المردودة، وبالشاهدين، والشاهد واليمين، ودلالة الحال. وهو نظير رفع استصحاب الحال في الأدلة الشرعية بالعموم والمفهوم والقياس، فيُرفع بأضعف الأدلة، فهكذا في الأحكام يُرفَع بأدنى النصاب. ولهذا قُدِّم خبرُ الواحد في أخبار الديانة على الاستصحاب مع أنه يلزم جميع المكلَّفين، فكيف لا يقدَّم عليه فيما هو دونه؟

ولهذا كان الصحيح الذي دلَّت عليه السنّة التي لا معارض لها أن اللقطة إذا وصفها واصفٌ صفةً تدلّ على صدقه دُفِعت إليه بمجرَّد الوصف. فقام وصفُه لها مقام [٥٥/أ] الشاهد (٣)، بل وصفُه لها بيّنةٌ تبيِّن صدقه وصحة دعواه؛ فإنَّ البيِّنة اسمٌ لما يبيِّن الحق.


(١) بعده في النسخ المطبوعة: "أو ينسى"، وهذا لم يرد في النسخ المعتمدة.
(٢) في النسخ المطبوعة: "يدفع"، تصحيف.
(٣) في النسخ المطبوعة: "الشاهدين".