للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغضب. وأوصى بعضُ العلماء لوليِّ أمر فقال [٣٤٧/أ]: إياك والغلَق والضجر، فإن صاحب الغلَق لا يقدم عليه حقٌّ (١)، وصاحبُ الضجر لا يصبر على حقٍّ (٢).

والأمر الثاني: التحريض على تنفيذ الحق، والصبر عليه، وجعل الرضا بتنفيذه في موضع الغضب، والصبر في موطن (٣) القلق والضجر، والتحلِّي به واحتساب ثوابه في موضع التأذِّي. فإن هذا دواء ذلك الداء الذي هو من لوازم الطبيعة البشرية وضعفها، فما لم يصادفه هذا الدواءُ فلا سبيل إلى زواله. هذا مع ما في التنكُّر للخصوم من إضعاف نفوسهم، وكسر قلوبهم، وإخراس ألسنتهم عن التكلُّم بحججهم خشيةَ معرَّة التنكُّر. ولا سيما أن يتنكَّر لأحد الخصمين دون الآخر، فإن ذلك الداء العُضال.

وقوله: «فإن القضاء في مواطن الحقِّ مما يُوجب الله به الأجر، ويُحسن به الذخر». هذا عبودية الحكام وولاة الأمر التي تراد منهم. ولله سبحانه على كلِّ أحد عبودية بحسب مرتبته، سوى العبودية العامَّة التي سوَّى بين عباده فيها. فعلى العالم من عبوديته نشرُ السنة والعلم الذي بعث الله به رسوله ما


(١) في النسخ المطبوعة: «صاحب حقّ»، زادوا كلمة «صاحب».
(٢) لم أقف عليه، وقريب منه ما روي عن محمد بن علي بن الحسين وغيره: «إياك والكسل والضجر، فإنهما مفتاح كلّ شرّ. لأنك إن كسِلتَ لم تطلب حقًّا، وإن ضجرتَ لم تصبر على حق». انظر: «حلية الأولياء» (٣/ ١٨٣) و «شأن الدعاء» للخطابي (ص ١٢٠).
(٣) ما عدا ح، ف: «موضع».