للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحلف واليمين إنما يستعمل فيها دون غيرها. وليس المدرك أن عادتهم أنهم يفعلون مسمَّياتها، وأنهم يصومون شهرين متتابعين أو يحجون، بل غلبة استعمال الألفاظ في هذه المعاني دون غيرها.

قالوا: وقد صرَّح الأصحاب [٢٦/أ] بأنه من كثرت عادته بالحلف بصوم سنة لزِمَه صوم سنة، فجعلوا المدرك الحلف اللفظي دون العرف (١) النقلي (٢)، قالوا: وعلى هذا لو اتفق في وقت آخر أنه اشتهر حلفهم ونذرهم بالاعتكاف والرباط وإطعام الجائع وكسوة العريان وبناء المساجد دون هذه الحقائق المتقدِّمِ ذكرُها= لكان اللازمُ لهذا الحالف إذا حنِثَ الاعتكافَ وما ذكر معه، دون ما هو مذكور قبلها؛ لأن الأحكام المترتبة على القرائن تدور معها كيفما دارت، وتبطُل معها إذا بطلت، كالعقود في المعاملات والعيوب في الأعراض (٣) في المبايعات ونحو ذلك، فلو تغيَّرت العادة في النقد والسكَّة إلى سكَّة أخرى لحُمِلَ الثمن في المبيع عند الإطلاق على السكّة والنقد المتجدّد دون ما قبله، وكذلك إذا كان الشيء عيبًا في العادة رُدَّ به المبيع، فإن تغيرت العادة بحيث لم يُعَدَّ عيبًا لم يُردَّ به المبيع.

قالوا: وبهذا تُعتبر جميع الأحكام المترتبة على العوائد، وهذا مجمع عليه بين العلماء، لا خلاف فيه، وإن وقع الخلاف في تحقيقه: هل وُجد أم لا؟ قالوا: وعلى هذا فليس في عرفنا اليوم الحلف بصوم شهرين متتابعين، فلا تكاد تجد أحدًا يحلف به، فلا تسوغ الفتيا بإلزامه.


(١) د: «العرفي».
(٢) كذا في النسختين، وفي «الفروق»: «العرف الفعلي».
(٣) د: «الأعواض». والمثبت موافق لما في «الفروق».