للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طول لحيتي وكثرة الناس حولي، والله ما أُحسِنه. فقال شيخ من قريش جالس إلى جنبه: يا ابن أخي الزمها، فوالله ما رأيتك في مجلس أنبل منك اليوم. فقال القاسم: والله لأن يُقطَع لساني أحبُّ إليَّ من أن أتكلَّم بما لا علم لي به.

[٢٠٦/ب] وكتب سلمان إلى أبي الدرداء، وكان بينهما مؤاخاة: بلغني أنك قعدت طبيبًا فاحذر أن تكون متطبِّبًا أو تقتل مسلمًا! فكان ربما جاءه الخصمان، فيحكم بينهما، ثم يقول: ردُّوهما عليَّ، متطبِّب والله، أَعِيدا عليَّ قضيتكما (١).

الفائدة الرابعة والثلاثون: إذا نزلت بالعامِّيِّ نازلة، وهو في مكان لا يجد من يسأله عن حكمها، ففيه طريقان للناس:

إحداهما (٢): أنه (٣) له حكم ما قبل الشرع، على الخلاف في الحظر والإباحة والوقف؛ لأن عدم المرشد في حقِّه بمنزلة عدم المرشد بالنسبة إلى الأمة.

والطريقة الثانية: أنه يخرَّج على الخلاف في مسألة تعارض الأدلة عند المجتهد، هل يعمل بالأخفِّ, أو بالأشدِّ، أو يتخيَّر؟ والصواب أنه يجب عليه أن يتقي الله ما استطاع، ويتحرَّى الحق بجهده ومعرفة مثله. وقد نصب الله تعالى على الحق أماراتٍ كثيرةً، ولم يسوِّ الله سبحانه بين ما يحبه وبين ما


(١) رواه مالك (٢/ ٧٦٩)، وأحمد في «الزهد» (٨٣٩)، وأبو نعيم (١/ ٢٠٥)، من طرق عن سلمان، وكلها منقطعة.
(٢) ز: «أحدهما»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) في النسخ المطبوعة: «أن».