للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأما أصحاب مالك فليس عن مالك ولا عن قدماء أصحابه فيها قول؛ واختلف المتأخرون، فقال أبو بكر ابن العربي (١): أجمع هؤلاء المتأخرون على أنه يحنَث فيها بالطلاق في جميع نسائه والعتق في جميع عبيده، وإن لم يكن له رقيق فعليه عتق رقبة واحدة، والمشيُ إلى مكة والحج ولو من أقصى المغرب، والتصدُّق بثلث جميع أمواله، وصيام شهرين متتابعين. ثم قال جُلُّ الأندلسيين: إن كل امرأة له تطلَّق ثلاثًا ثلاثًا (٢)، وقال القَرَوِيّون: إنما تطلَّق واحدة واحدة، وألزمه بعضهم صومَ سنة إذا كان معتادًا للحلف بذلك. فتأمَّلْ هذا التفاوت العظيم بين هذا القول وقول أصحاب الشافعي.

فصل

وهذا اختلافهم فيما لو حلف بأيمان المسلمين أو بالأيمان اللازمة، أو قال: جميع الأيمان تلزمني، أو حلف بأشدِّ ما أخذ أحد على أحد. قالت المالكية (٣): إنما ألزمناه بهذه المذكورات دون غيرها من كسوة العريان (٤) وإطعام الجياع والاعتكاف وبناء الثغور ونحوها ملاحظةً لما غلب الحلفُ به عرفًا، فألزمناه به لأنه المسمَّى العرفي، فيقدَّم على المسمى اللغوي، واختص حلفه بهذه المذكورات دون غيرها لأنها هي المشتهرة، ولفظ


(١) انظر: «أحكام القرآن» (٢/ ٧٤٥).
(٢) في د: «ثلاثًا» بدون تكرار.

(٣) انظر: «الفروق» للقرافي (١/ ١٧٦ - ١٧٨). وقد نقل عنه المؤلف مذهب المالكية وأقوالهم بتصرف.
(٤) في النسخ: «العميان». وسيأتي قريبًا على الصواب.