للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المثال الثامن والثلاثون: ردُّ السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في جواز النكاح بما قلَّ من المهر ولو خاتمًا من حديد (١)، مع موافقتها لعموم القرآن في قوله: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: ٢٤]، وللقياس في جواز التراضي (٢) بالمعاوضة على القليل والكثير، بأثرٍ لا يثبت وقياسٍ (٣) من أفسد القياس على قطع يد السارق، وأين النكاح من اللصوصية؟ وأين استباحة الفرج به إلى قطع اليد في السرقة؟ وقد تقدَّم مرارًا أن أصحَّ الناس قياسًا (٤) أهلُ الحديث، وكلَّما كان الرجل إلى الحديث أقربَ كان قياسه أصحَّ، وكلّما كان عن الحديث أبعدَ كان قياسه أفسدَ.

المثال التاسع والثلاثون: ردُّ السنة الصحيحة الصريحة المحكمة فيمن أسلم وتحته أختان أنه يخيَّر في إمساك من شاء منهما وتَرْكِ الأخرى، بأنه خلاف الأصول، وقالوا: قياس الأصول يقتضي أنه إن نكح (٥) واحدة بعد واحدة فنكاح الثانية هو المردود، ونكاح الأولى هو الصحيح من غير تخيير، وإن نكحهما معًا فنكاحهما باطل، ولا تخييرَ، وكذلك حديث من أسلم على عَشْرِ نسوة، وربما أوَّلوا التخيير بتخييره في ابتداء العقد على من شاء من المنكوحات. ولفظ الحديث يأبى هذا التأويل أشدَّ الإباء؛ فإنه قال: «أمسِكْ أربعًا وفارِقْ سائرهن»، رواه [٩٠/أ] معمر عن الزهري عن سالم عن


(١) رواه البخاري (٥٠٢٩) ومسلم (١٤٢٥) من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنهما -.
(٢) ع: «الرضا».
(٣) ع: «وبقياس».
(٤) ع: «أصح القياس قياس».
(٥) ت: «يقتضي أن ينكح».