للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يصيبهم الله بأيديهم؛ لأنهم كلما أرادوا أن يعذِّبوهم على ذلك أظهروا الإسلام فلم يصابوا بأيديهم قطُّ. والأدلة على ذلك كثيرة جدًّا، وعند هذا فأصحاب هذا القول يقولون: نحن أسعد بالتنزيل والسنة من مخالفينا في هذه المسألة المشنِّعين علينا بخلافها، وبالله التوفيق.

وأما قوله: «ولا يفسد عقد إلا بالعقد نفسه، لا يفسد بشيء تقدَّمه ولا تأخَّره، ولا بتوهم، ولا أمارة عليه»، يريد أن الشرط المتقدم لا يُفسِد العقد إذا عَرِيَ صلب العقد عن مقارنته، وهذا أصل قد خالفه فيه جمهور أهل العلم (١)، وقالوا: لا فرقَ بين الشرط المتقدم والمقارن؛ إذ مفسدة الشرط المقارن لم تزُل بتقدمه وإسلافه، بل مفسدته مقارنًا كمفسدته متقدمًا، وأي مفسدة زالت بتقدم الشرط إذا كانا قد علِمَا وعلم الله سبحانه والحاضرون أنهما إنما عقدَا على ذلك الشرط الباطل المحرَّم وأظهرا صورة العقد مطلقًا، وهو مقيَّد في نفس الأمر بذلك الشرط المحرم؟ فإذا اشترطا قبل العقد أن النكاح نكاح تحليلٍ أو متعة أو شغارٍ، وتعاهدا على ذلك، وتواطآ عليه، ثم عقدا على ما اتفقا عليه، وسكتا عن إعادة الشرط في صلب العقد اعتمادًا على تقدم ذكره والتزامه= لم يخرج العقد بذلك عن كونه عقد تحليلٍ ومتعة وشغار حقيقةً.

وكيف يعجز المتعاقدان اللذان يريدان عقدًا قد حرَّمه الله ورسوله لوصفٍ أن يشترطا قبل العقد إرادةَ ذلك الوصف وأنه هو المقصود، ثم يسكتا عن ذكره في صلب العقد ليتمَّ غرضهما؟ وهل إتمام غرضهما إلا عين تفويت مقصود الشارع؟ وهل هذه القاعدة ــ وهي أن الشرط المتقدم لا يؤثّر


(١) د: «جمهور أهل العلم فيه».