للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المثال السادس والثلاثون: إذا تحيَّل المكَّار المخادع على سقوط نفقة القريب بالمماطلة، وقال: إنها تسقط بمضيِّ الزمان فلا تبقى دينًا عليَّ، فتركها آمنًا من إلزامه بها لما مضى، فالحيلة للمنفق عليه أن يرفعه إلى الحاكم ليفرضها عليه، ثم يستأذنه في الاستدانة عليه بقدرها، فإذا فعل ألزمه الحاكم بقضاء ما استدانه المنفق عليه. فإن فرضها عليه ولم يستأذنه في الاستدانة (١) ومضى الزمان فهل تستقرُّ عليه بذلك؟ فيه وجهان لأصحاب الشافعي، والأكثرون منهم صرَّحوا بسقوطها مطلقًا فُرِضت أو لم تُفرض، ومنهم من قال: إن فُرضت لم تسقط.

فإن لم يمكنه الرفع إلى الحاكم فليقل له: اشفَعْ لي إلى فلان يُنفق عليَّ أو يعطيني ما أحتاج إليه، فإذا فعل فقد لزم الشافع؛ لأن ذلك حق أدَّاه المشفوع عنده عن الشفيع بإذنه، فإن أنفق عليه الغير بغير إذنه ناويًا للرجوع فله الرجوع في أصح المذهبين، وهو مذهب مالك وأحمد في إحدى الروايتين، وهكذا كل من أدَّى (٢) عن غيره واجبًا بغير إذنه. بل لا يُشترط (٣) أن يكون واجبًا على (٤) المنصوص من مذهب مالك وأحمد، فإن أحمد نصَّ في رواية الجرجرائي على رجوع مَن عمَّر قناةَ غيرِه بغير إذنه، وهو مذهب مالك.

ولو أن القريب استدان وأنفق على نفسه ثم أحال بالدين على من تلزمه نفقته لزمه أن يقوم له به؛ لأنه أحال على من له عليه حق، ولا يقال: قد


(١) «المنفق عليه ... الاستدانة» ساقطة من ك.
(٢) ك: «ادعى»، تحريف.
(٣) ك، ب: «بلا شرط».
(٤) ز: «عن».