للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا من باب الإرفاق، لا من باب المعاوضات؛ فإن باب المعاوضات يعطي كلٌّ منهما أصل المال على وجه لا يعود إليه، وباب القرض من جنس باب العارية والمنيحة وإفقار الظهر مما يعطي فيه أصل المال لينتفع بما يستخلف منه ثم يعيده إليه بعينه إن أمكن، وإلا فنظيره ومثله. فتارةً ينتفع بالمنافع كما في عارية العقار، وتارة يمنحه ماشيةً ليشرب لبنها ثم يعيدها، أو شجرًا (١) ليأكل ثمرها ثم يعيدها، وتسمَّى «العَريَّة». فإنهم يقولون: أعراه الشجرَ، وأعاره المتاعَ، ومنحه الشاةَ، وأفقره الظهرَ [٢٣٩/ب]، وأقرضه الدراهم.

واللبن والثمر لما كان يستخلف شيئًا بعد شيء كان بمنزلة المنافع، ولهذا كان في الوقف يجري مجرى المنافع. وليس هذا من باب البيع في شيء، بل هو من باب الإرفاق والتبرُّع والصدقة، وإن كان المقرض قد ينتفع أيضًا بالقرض كما في مسألة السُّفْتَجة، ولهذا كرهها من كرهها (٢). والصحيح أنها لا تُكره، لأن المنفعة لا تخُصُّ المقرض، بل ينتفعان بها (٣) جميعًا.

فصل

وأما إزالة النجاسة، فمن قال: إنها على خلاف القياس، فقوله من أبطل الأقوال وأفسدها. وشبهته أن الماء إذا لاقى نجاسةً تنجَّس بها، ثم الثاني (٤)


(١) في النسخ المطبوعة: «شجرة»، وكذا في «مجموع الفتاوى».
(٢) الجملة «ولهذا كرهها من كرهها» زيدت في حاشية ح، وهي في متن ف، وكذا في «مجموع الفتاوى».
(٣) ح، ف، ت: «بهما».
(٤) ع: «لاقي الثاني»، وكذا في النسخ المطبوعة.