للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الماشية أو ثلثها، على حسب ما يجعل له من الدَّر والنسل، ويقرّ له بأن هذه الماشية بينهما نصفين أو أثلاثًا، فيصير دَرُّها ونسلها بينهما على حسب ملكَيْهما. فإن خاف ربّ الماشية أن يدّعي عليه العامل بملك نصفها حيث أقرَّ له به، فالحيلة أن يبيعه ذلك النصف بثمن في ذمته، ثم يسترهنه على ذلك الثمن، فإن ادَّعى الملك بعد هذا طالبه بالثمن، فإن ادَّعى الإعسار اقتضاه من الرهن.

والحيلة في جواز قَفِيز الطحّان أن يملِّكه جزءًا من الحبّ أو الزيتون، إما ربعه أو ثلثه أو نصفه، فيصير شريكه فيه، ثم يطحنه أو يعصره فيكون بينهما على حسب ملكَيْهما فيه، فإن خاف أن يملّكه ذلك فيملِكه عليه ولا يُحدِث فيه عملًا؛ فالحيلة أن يبيعه إياه بثمن في ذمته، فيصير شريكه فيه، فإذا عمل فيه سلَّم إليه حصته وأبرأه من الثمن. فإن خاف الأجير أن يطالبه بالثمن ويتسلَّم الجميع ولا يعطيه أجرته؛ فالحيلة في أمنه من ذلك أن يُشهِد عليه أن الأصل مشترك بينهما قبل العمل، فإذا حدثَ فيه العمل فهو على الشركة.

وهكذا الحيلة في جميع هذا الباب، وهي حيلة جائزة؛ فإنها لا تتضمَّن إسقاطَ حق، ولا تحريمَ حلال، ولا تحليلَ حرام. والله أعلم.

المثال التاسع والثمانون: إذا أخرجَ (١) المتسابقان في النضال معًا جاز في أصح القولين، والمشهور من مذهب مالك أنه لا يجوز. وعلى القول بجوازه فأصح القولين أنه لا يحتاج إلى محلِّل، كما هو مقتضى المنقول عن الصديق (٢)


(١) كذا في النسخ، وهو صواب. وفي المطبوع: «خرج».
(٢) رواه الترمذي (٣١٩١، ٣١٩٣) وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (٥/ ٢٧٠٤) والحاكم (٢/ ٤١٠) من طرق عن أبي بكر في الرهان في غلبة الروم. وصححه ابن خزيمة في «التوحيد» (١٦٦) والحاكم وابن القيم في «الفروسية» (ص ٢٠٧)، ووثق رجاله الحافظ في «الإصابة» (٣/ ٥٧٩).