للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يُنقل عن رجل واحد منهم المنعُ إلا فيما منع منه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو ما قال الليث بن سعد (١): إذا نظر ذو البصر بالحلال والحرام علم أنه لا يجوز. ولو لم تأتِ [١٤٠/ب] هذه النصوص والآثار؛ فلا حرام إلا ما حرَّمه الله ورسوله، والله ورسوله لم يحرِّم شيئًا من ذلك.

وكثير من الفقهاء يمنعون ذلك (٢)، فإذا بُلِي الرجل بمن يحتجُّ في التحريم بأنه «هكذا في الكتاب وهكذا قالوا»، ولا بدَّ له مِن فعل ذلك؛ إذ لا تقوم مصلحة الأمة إلا به؛ فله أن يحتال على ذلك بكل حيلة تؤدِّي به إليه (٣)، فإنها حيل تؤدِّي إلى فعل ما أباحه الله ورسوله، ولم يحرِّمه على الأمة. وقد تقدم ذكر الحيلة على جواز المساقاة والمزارعة.

ونظيرها في الاحتيال على المغارسة أن يُؤاجِره الأرضَ يَغرِس فيها ما شاء من الأشجار لمدة كذا وكذا سنة بخدمتها، وغرس كذا وكذا من الأشجار فيها؛ فإن اتفقا بعد ذلك أن يجعلا لكل منها غِراسًا معينًا مقررًا جاز، وإن أحبَّا أن يكون الجميع (٤) شائعًا بينهما؛ فالحيلة أن يقرَّ كل منهما للآخر أن جميع ما في هذه الأرض من الغراس فهو بينهما نصفين، أو غير ذلك.

والحيلة في جواز المشاركة على البقر والغنم بجزء من دَرِّها ونَسْلها: أن يستأجره للقيام عليها كذا وكذا سنة للمدة التي يتفقان عليها بنصف


(١) كما في «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٥٠٨، ٢٥/ ٦٢، ٣٠، ١٠٤، ١١٧، ٢٢٨).
(٢) ك: «من ذلك».
(٣) ك، ب: «تؤديه إليه».
(٤) «الجميع» ليست في ك، ب.