للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فظهرت حكمة تحريم ربا النَّساء في الجنس والجنسين، وربا الفضل في الجنس [٣٣٦/أ] الواحد، وأنَّ تحريمَ هذا تحريمُ المقاصد وتحريمَ الآخر تحريمُ الوسائل وسَدِّ الذرائع، ولهذا لم يُبَح شيء من ربا النسيئة.

فصل

وأما ربا الفضل، فأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة كالعرايا، فإنَّ ما حُرِّم سدًّا للذريعة أخفُّ مما حرِّم تحريمَ المقاصد. وعلى هذا فالمصوغ والحلية إن كانت صياغةً (١) محرَّمةً كالآنية حُرِّم بيعُه بجنسه وغير جنسه. وبيعُ هذا هو الذي أنكره عبادةُ على معاوية (٢)، فإنه يتضمَّن مقابلة الصياغة المحرَّمة بالأثمان، وهذا لا يجوز كآلات الملاهي.

وأما إن كانت الصياغة مباحة ــ كخاتم الفضة وحلية النساء وما أبيح من حلية السلاح وغيرها ــ فالعاقل لا يبيع هذه بوزنها من جنسها، فإنه سفه وإضاعة للصنعة.

والشارع أحكَمُ من أن يُلزِم الأمة بذلك، فالشريعة لا تأتي به، ولا تأتي بالمنع من بيع ذلك وشرائه لحاجة الناس إليه. فلم يبق إلا أن يقال: لا يجوز بيعها بجنسها البتةَ، بل يبيعها بجنس آخر. وفي هذا من الحرج والعسر


(١) كذا بتنوين النصب في ت مع عدم تحرير الكلمة، ونحوه في «جامع المسائل» (٨/ ٢٩١). وفي غير ت: «صناعته»، وفي النسخ المطبوعة: «صياغته».
(٢) انظر حديث عبادة في «صحيح مسلم» (١٥٨٧).