للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

ومن الحيل الباطلة: التحيلُ على تصحيح المزارعة لمن يعتقد فسادها، بأن يدفع الأرض إلى المزارع ويُؤجِره نصفها مشاعًا مدة معلومة يزرعها ببذره على أن يزرع للمؤجر النصف الآخر ببذره تلك المدة، ويحفظه ويسقيه ويحصده ويُذريه، فإذا فعلا ذلك أخرجا البذر منهما نصفين نصفًا من المالك ونصفًا من المزارع، ثم خلطاه، فتكون الغلّة بينهما نصفين. فإن أراد صاحب الأرض أن يعود إليه ثلثا (١) الغلة آجره ثلثَ الأرض مدة معلومة على أن يزرع له مدة الإجارة ثلثي الأرض ويخرجان البذر منهما أثلاثًا ويخلطانه (٢)، وإن أراد المزارع أن يكون له ثلثا البذر استأجر ثلثي الأرض بزرع الثلث الآخر كما تقدم.

فتأملْ هذه الحيلة الطويلة الباردة المتعبة، وترك الطريق المشروعة التي فعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كأنها رأي عينٍ، واتفق عليها الصحابة، وصح فعلها عن الخلفاء الراشدين صحة لا يشك (٣) فيها، كما حكاه البخاري في «صحيحه» (٤). فما مثل العدول عن طريقة القوم إلى هذه الحيلة الطويلة السمجة إلا بمنزلة من أراد الحج من المدينة على الطريق التي حج فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فقيل له: هذه الطريق (٥) مسدودة، وإذا أردتَ أن


(١) «ثلثا» ساقطة من ك.
(٢) ك: «ويخلطاه».
(٣) ك: «لا شك».
(٤) انظر: (٥/ ١٠ - مع الفتح).
(٥) ك: «طريق».