للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمرَها أن تختمر، وتركَب، وتحُجَّ، وتُهدي بدَنة (١). فهكذا الواجب على أتباع الرسول صلوات الله وسلامه عليه أن يعتمدوا في شروط الواقفين. وبالله التوفيق.

الفائدة الثامنة عشرة: ليس للمفتي أن يطلق الجوابَ في مسألةٍ فيها تفصيل، إلا إذا علِم أن السائل إنما سأل عن أحد تلك الأنواع. بل إذا كانت المسألة تحتاج إلى التفصيل استفصله، كما استفصل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ماعزًا لما أقرَّ بالزنا: هل وجد منه مقدِّماته أو حقيقته؟ فلما أجابه عن الحقيقة استفصله: هل به جنون، فيكون إقراره غير معتبَر أم هو عاقل؟ فلما علِم عقلَه استفصله بأن أمَر باستنكاهه، ليعلم هل هو سكران أم صاح؟ فلما علم أنه صاحٍ استفصله: هل أحصن أم لا؟ فلما علم أنه قد أحصن أقام عليه الحد (٢).

ومن هذا: قوله لمن سألته: هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال: «نعم إذا رأت الماء» (٣). فتضمَّن هذا الجوابُ الاستفصالَ بأنها يجب عليها الغسل في حال، ولا يجب عليها في حال.


(١) أصل الحديث عند البخاري (١٨٦٦) ومسلم (١٦٤٤) من حديث أبي الخير عن عقبة بن عامر، ولفظه عندهما: «لتمش ولتركب» بدون زيادة. ورواه أيضًا أحمد (١٧٧٩٣) من حديث عكرمة عن عقبة بن عامر، وفيه زيادة: «ولتهد بدنة»، وهو كذلك عند أحمد (٢٢٧٨، ٢٨٣٤)، وأبو داود (٣٢٩٦) من حديث عكرمة عن ابن عباس، وإسنادهما صحيح. وانظر: «فتح الباري» (٤/ ٨٠، ١١/ ٥٨٦، ٥٨٧) و «معرفة السنن والآثار» (١٤/ ٢٠٦ - ٢٠٨) و «التلخيص الحبير» (٦/ ٣١٤٥، ٣١٤٦).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) رواه البخاري (١٣٠) ومسلم (٣١٣) من حديث أم سلمة.