للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه، ويدفع شرَّه عن نفسه، ولا يريد بالكذب اتخاذ المنزلة عندهم ولا طمعًا في شيء يصيب منهم؛ فإنه لم يرخَّص في ذلك، ورُخِّص له إذا كره مَوجدتَهم وخاف عداوتهم.

قال حذيفة: إني أشتري ديني بعضَه ببعض مخافةَ أن أُقدِم على ما هو أعظم منه (١).

قال سفيان: وقال الملكان: {خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ}، أراد معنى سِيّ (٢) ولم يكونا خصمين فلم يصيرا بذلك كاذبين، وقال إبراهيم: {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: ٨٩]، وقال: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: ٦٣]، وقال يوسف: {إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ}. فبيَّن سفيان أن هذا من المعاريض المباحة.

فصل

وقد احتج بعض الفقهاء بقصة يوسف على أنه جائز للإنسان التوصُّل إلى أخذ حقه من الغير بما يمكنه الوصول إليه بغير رضى مَن عليه الحق.

قال شيخنا (٣) - رضي الله عنه -: وهذه الحجة ضعيفة؛ فإن يوسف لم يكن (٤) يملك حبْسَ أخيه عنده بغير رضاه، ولم يكن هذا الأخ ممن ظلم (٥) يوسف


(١) تقدم.
(٢) في المطبوع و «بيان الدليل»: «شيء»، وهو تحريف. والمثبت هو الصواب كما في النسختين. والسِّيّ: المثل والنظير.
(٣) في «بيان الدليل» (ص ٢١١).
(٤) «يكن» ليست في ز.
(٥) ز: «من ظلمه».