للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من المتكلمين وبعض الفقهاء المتأخرين: لا يكون إجماعًا ولا حجًة.

وإن لم يشتهر قوله أو لم يُعلَم هل اشتهر أم لا، فاختلف الناس: هل يكون حجة أم لا؟ فالذي عليه جمهور الأمة أنه حجة. هذا قول جمهور الحنفية، صرَّح به محمد بن الحسن، وذكر عن أبي حنيفة نصًّا (١)، وهو مذهب مالك وأصحابه، وتصرُّفُه في «موطئه» دليل عليه، وهو قول إسحاق بن راهويه وأبي عبيد، وهو منصوص الإمام أحمد في غير موضع عنه (٢) واختيارُ جمهور أصحابه، وهو منصوص الشافعي في القديم والجديد، أما القديم فأصحابه مُقِرُّون به، وأما الجديد فكثير منهم يحكي عنه فيه أنه ليس بحجة (٣).

وفي هذه الحكاية عنه نظر ظاهر جدًّا؛ فإنه لا يُحفظ له في الجديد حرف واحد أن قول الصحابي ليس بحجة، وغاية ما تعلَّق به مَن نقل ذلك أنه يحكي أقوالًا للصحابة في الجديد ثم يخالفها، ولو كانت عنده حجة لم يخالفها. وهذا تعلُّقٌ ضعيف جدًّا، فإن مخالفة المجتهد الدليلَ المعيَّن لما هو أقوى في نظره منه لا يدلُّ على أنه لا يراه دليلًا من حيث الجملة، بل خالف دليلًا لدليلٍ أرجحَ عنده منه.

وقد تعلَّق بعضهم بأنه يراه في الجديد إذا ذكر أقوال الصحابة موافقًا لها لا يعتمد عليها وحدها كما يفعل بالنصوص (٤)، بل يعضدها بضروب من


(١) انظر: «أخبار أبي حنيفة» للصَّيْمَري (ص ٢٤).
(٢) انظر: «العدة» لأبي يعلى (٤/ ١١٧٨ وما بعدها).
(٣) انظر: «التبصرة» لأبي إسحاق الشيرازي (ص ٣٩٥).
(٤) ك: «بالمنصوص».