للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأقيسة؛ فهو تارةً يذكرها ويصرِّح بخلافها، وتارةً يوافقها ولا يعتمد عليها [١٧٤/أ] بل يعضدها بدليل آخر. وهذا أيضًا تعلُّقٌ أضعفُ من الذي قبله؛ فإنَّ تظافُرَ الأدلة وتعاضدها وتناصرها من عادة أهل العلم قديمًا وحديثًا، ولا يدل ذِكْرهم دليلًا ثانيًا وثالثًا على أن ما ذكروه قبله ليس بدليل.

وقد صرَّح الشافعي في الجديد من رواية الربيع عنه بأن قول الصحابي حجة يجب المصير إليه، فقال (١): المحدثات من الأمور ضربان، أحدهما: ما أُحدِث يخالف كتابًا أو سنة أو إجماعًا أو أثرًا، فهذه البدعة الضلالة. والربيع إنما أخذ عنه بمصر، وقد جعل مخالفة الأثر الذي ليس بكتاب ولا سنة ولا إجماع ضلالةً، وهذا فوق كونه حجة.

وقال البيهقي في كتاب «مدخل السنن» (٢) له: باب ذكر أقاويل الصحابة إذا تفرقوا. قال الشافعي: أقاويل الصحابة إذا تفرَّقوا فيها نصير إلى ما وافق الكتاب أو السنة أو الإجماع أو (٣) كان أصح في القياس، وإذا قال الواحد منهم القول لا يُحفظ عن غيره منهم فيه له موافقة ولا خلاف صرتُ إلى اتباع قوله إذا لم أجد كتابًا ولا سنةً ولا إجماعًا ولا شيئًا في معناه يُحكم له بحكمه أو وُجِد معه قياس.

قال البيهقي (٤): وقال في كتاب «اختلافه مع مالك» (٥): ما كان الكتاب


(١) رواه البيهقي في «المدخل» (١/ ٢٢٦).
(٢) (١/ ٤٣). وقول الشافعي هذا بصورة حوار في «الرسالة» (ص ٥٩٦ وما بعدها).
(٣) ز: «إذا». والمثبت موافق لما في «الرسالة» و «المدخل».
(٤) في «المدخل» (١/ ٤٣). والكلام متصل بما قبله.
(٥) ضمن كتاب «الأم» (٨/ ٧٦٣، ٧٦٤).