للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالث: أن هذا من أكبر الحجج عليكم؛ فإن الشافعي قد صرَّح بتقليد عمر وعثمان وعطاء مع كونه من أئمة المجتهدين، وأنتم ــ مع إقراركم بأنكم من المقلدين ــ لا ترون تقليد واحدٍ من هؤلاء، بل إذا قال الشافعي: وقال عمر وعثمان (١) وابن مسعود ــ فضلًا عن سعيد بن المسيب وعطاء والحسن ــ تركتم تقليد هؤلاء وقلّدتم الشافعي، وهذا عين التناقض؛ فخالفتموه من حيث زعمتم أنكم قلّدتموه، فإن قلدتم الشافعي فقلِّدوا من قلَّده الشافعي، فإن قلتم: بل قلّدناهم فيما قلّدهم فيه الشافعي، قيل: لم يكن ذلك تقليدًا منكم لهم، بل تقليدًا له، وإلا فلو جاء عنهم خلاف قوله لم تلتفتوا إلى أحدٍ منهم.

الرابع: أن من ذكرتم من الأئمة لم يقلِّدوا تقليدكم، ولا سوَّغوه البتَّةَ، بل غاية ما نُقِل عنهم من التقليد في مسائل يسيرة لم يظفَروا فيها بنص عن الله ورسوله، ولم يجدوا فيها سوى قولِ من هو أعلم منهم فقلَّدوه، وهذا فعلُ أهل العلم، وهو (٢) الواجب؛ فإن التقليد إنما يباح للمضطر. وأما من عدَل عن الكتاب والسنة وأقوال الصحابة وعن معرفة الحق بالدليل مع تمكُّنه منه إلى التقليد فهو كمن عدلَ إلى الميتة مع قدرته على المذكَّى؛ فإن الأصل أن لا يقبل قول الغير إلا بدليل إلا عند الضرورة، فجعلتم أنتم حال الضرورة رأس أموالكم.

الوجه الخامس والستون: قولكم: «قال الشافعي: رأي الصحابة لنا خيرٌ من رأينا لأنفسنا (٣)، ونحن نقول ونصدِّق: رأي الشافعي والأئمة لنا خير من


(١) «وعطاء ... وعثمان» ساقطة من ع.
(٢) «هو» ساقطة من ت.
(٣) تقدم توثيقه.