للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رأينا لأنفسنا»، جوابه من وجوه:

أحدها: أنكم أولُ مخالفٍ لقوله، ولا ترون رأيهم لكم خيرًا من رأي الأئمة لأنفسهم، بل تقولون: رأي الأئمة لأنفسهم خير لنا من رأي الصحابة لنا، فإذا جاءت الفتيا عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسادات الصحابة وجاءت الفتيا عن الشافعي وأبي حنيفة [٤١/ب] ومالك تركتم ما جاء عن الصحابة وأخذتم بما أفتى به الأئمة، فهلَّا كان رأي الصحابة لكم خيرًا من رأي الأئمة لكم لو نصحتم (١) أنفسكم.

الثاني: أن هذا لا يوجب صحة تقليدِ مَن سوى الصحابة؛ لما خصَّهم الله به من العلم والفهم والفضل والفقه عن الله ورسولهم، وشاهدوا الوحي، والتلقي عن الرسول بلا واسطة، ونزول الوحي (٢) بلغتهم وهي غضَّة محضة لم تُشَبْ، ومراجعتهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما أشكل عليهم من القرآن والسنة حتى يُجلِّيه لهم؛ فمن له هذه المزية بعدهم؟ ومن شاركهم في هذه المنزلة حتى يقلَّد كما يقلَّدون فضلًا عن وجوب تقليده وسقوط تقليدهم أو تحريمه كما صرَّح به غُلاتهم؟ وتالله إن بين علم الصحابة وعلم من قلَّدتموه من الفضل كما بينهم وبينهم في ذلك.

قال الشافعي في «الرسالة القديمة» (٣) بعد أن ذكرهم وذكر من


(١) ع: «فنصحتم» دون «لو».
(٢) «والتلقي ... الوحي» ساقطة من ع.
(٣) سبق ذكر هذا النصّ في أول الكتاب، ونسبه إلى «رسالته البغدادية» التي رواها عنه الحسن الزعفراني.