للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما طلبوا منك، ففعل، فلما عقد العقد جاء إليه فقال: قد طلبوا منّي المهر، فقال: احتلْ واقترِضْ وأعطِهم، ففعل، فلما دخل بأهله قال: إني أخاف المطالبين بالدين، وليس عندي ما أُوفّيهم، فقال: أظهِرْ أنك تريد سفرًا بعيدًا، وأنك تريد الخروج بأهلك، ففعل، واكترى جمالًا، فاشتد ذلك على المرأة وأوليائها، فجاؤوا إلى أبي حنيفة - رضي الله عنه -، فسألوه، فقال: له أن يذهب بأهله حيث شاء، فقالوا: نحن نُرضِيه ونردُّ إليه ما أخذنا منه، ولا يسافر. فلما سمع الزوج طمِعَ وقال: لا والله حتى يزيدوني، فقال له: إن رضيتَ بهذا، وإلا أقرَّت المرأة أن عليها دينًا لرجل، فلا يمكنك أن تُخرِجها حتى توفِّيه، فقال: بالله؟! لا يسمع أهل (١) المرأة ذلك منك (٢)، أنا أرضى بالذي أعطيتُهم.

المثال السادس والثمانون: قال القاضي أبو يعلى: إذا كان لرجلٍ على رجل ألفُ درهم، فصالحه منها على مائة درهم يؤدِّيها إليه في شهر كذا، فإن لم يفعل وأخَّرها إلى شهر آخر فعليه مائتان، فهو جائز. وقد أبطله قوم آخرون.

قال (٣): أما جواز الصلح من ألف على (٤) مائة فالوجه فيه أن التسعمائة لا يستفيدها بعقد الصلح، وإنما استفادها بعقد المداينة، وهو العقد السابق؛ فعُلِم أنها ليست مأخوذة على وجه المعاوضة، وإنما هي على طريق الإبراء عن بعض حقه.


(١) «أهل» ليست في ز.
(٢) ك: «منك ذلك».
(٣) ك، ب: «قالوا».
(٤) ك، ب: «إلى».