للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد اجتمعوا على لهو ولعب أو سماع مُكاءٍ وتصدية، فإن نقلتَهم عنه إلى طاعة (١)، وإلّا كان تركُهم على ذلك خيرًا من أن تُفرغهم لما هو أعظم من ذلك، فكان ما هم فيه شاغِلًا لهم عن ذلك، وكما إذا كان الرجل مشتغلًا بكتب المُجون ونحوها وخِفتَ من نقلِه عنها انتقالَه إلى كتب البدع والضلال والسحرة فدَعْه وكتبه الأولى، وهذا باب واسع.

وسمعتُ شيخ الإسلام ابن تيمية قدَّس الله روحه يقول: مررت أنا وبعض أصحابي في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر، فأنكر عليهم من كان معي، فأنكرتُ عليه، وقلت له: إنما حرّم الله الخمر لأنها تصدُّ عن ذكر الله وعن الصلاة، وهؤلاء يصدُّهم الخمر عن قتل النفوس وسَبْي الذرية وأخذ الأموال، فدَعْهم (٢).

فصل

المثال الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تُقطَع الأيدي في الغزو. رواه أبو داود (٣). فهذا حدٌّ من حدود الله، وقد نهى عن إقامته في الغزو خشيةَ أن يترتّب عليه ما هو أبغضُ إلى الله من تعطيله أو تأخيره، من لحوقِ صاحبه بالمشركين حميةً وغضبًا كما قاله عمر وأبو الدرداء وحذيفة وغيرهم. وقد نصَّ أحمد وإسحاق بن راهويه والأوزاعي وغيرهم من علماء الإسلام على أن الحدود لا تقام في أرض العدو، وذكرها أبو القاسم الخرقي في


(١) في المطبوع: «طاعة الله فهو المراد»، وليست في النسخ. والكلام مفهوم بدونه.
(٢) انظر كلام شيخ الإسلام في هذا الموضوع في «مجموع الفتاوى» (١٤/ ٤٧٢، ٢٠/ ٥٨، ٢٨/ ١٢٩).
(٣) تقدم تخريجه.