للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان الصواب في خلاف القولين جميعًا، ولكن أحدهما أقل خطأ، وأقربُ إلى الصواب، والله أعلم.

فصل

المخرج العاشر: مخرج زوال السبب، وقد كان الأَولى تقديمه على هذا المخرج لقوته وصحته، فإن الحكم يدور مع علته وسببه وجودًا وعدمًا، ولهذا إذا علَّق الشارع حكمًا بسبب أو علة زال الحكم بزوالهما، كالخمر علّق بها حكم التنجيس ووجوب الحدّ لوصف الإسكار، فإذا زال عنها وصارت خلًّا زال الحكم، وكذلك وصف الفسق علّق عليه المنع من قبول الشهادة والرواية، فإذا زال الوصف زال الحكم الذي علّق عليه، وكذلك السَّفَه والصِّغر والجنون والإغماء تزول الأحكام المعلَّقة عليها بزوالها. والشريعة مبنية على هذه القاعدة، فهكذا الحالف إذا حلف على أمر لا يفعله لسبب فزال السبب لم يحنث بفعله؛ لأن يمينه تعلَّقت به لذلك (١) الوصف، فإذا زال الوصف زال تعلُّق اليمين، فإذا دُعي إلى شرابٍ (٢) مُسكرٍ ليشربه فحلف أن لا يشربه، فانقلب خلًّا فشرِبه لم يحنث، فإنَّ منْعَ نفسِه منه نظيرُ منْعِ الشارع، فإذا زال منْعُ الشارع بانقلابه خلًّا وجب أن يزول منْعُ نفسه بذلك، [١٦٩/أ] والتفريق بين الأمرين تحكُّمٌ محض لا وجهَ له؛ فإذا كان التحريم والتنجيس ووجوب الإراقة ووجوب الحد وثبوت الفسق قد زال بزوال سببه فما المُوجِب لبقاء المنع في صورة اليمين وقد زال سببه؟ وهل يقتضي محضُ الفقه إلا زوالَ حكم اليمين؟


(١) ز: «كذلك»، خطأ.
(٢) ك: «شرب».