للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونكتة المسألة أن تجريد التوحيدين في أمر الله لا يقوم له شيء البتة، وصاحبه مؤيَّد منصور، ولو توالت عليه زُمَر الأعداء.

قال الإمام أحمد (١): ثنا [أبو] (٢) داود، أنبأنا شعبة، عن واقد بن محمد بن زيد، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: «من أسخطَ الناسَ برضا الله عزَّ وجلَّ كفاه اللهُ الناسَ. ومن أرضى الناسَ بسخطِ الله وَكَلَه إلى النَّاس».

والعبد إذا عزَم على فعل أمرٍ، فعليه أن يعلم أولًا هل هو طاعة لله أم لا؟ فإن لم يكن طاعةً فلا يفعله إلا أن يكون مباحًا يستعين به على الطاعة، وحينئذ يصير طاعة. فإذا بان له أنه طاعة فلا يُقْدِم عليه حتى ينظر هل هو معان عليه أم لا؟ فإن لم يكن معانًا عليه فلا يُقدِم عليه، فيُذِلَّ نفسه. وإن كان معانًا عليه بقي عليه نظر آخر، وهو أن يأتيه من بابه. فإن أتاه من غير بابه أضاعه، أو فرَّط فيه، أو أفسد منه شيئًا. فهذه الأمور الثلاثة أصل سعادة العبد وفلاحه. وهي معنى قول العبد: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: ٥ - ٦].

فأسعَدُ الخلق أهلُ العبادة والاستعانة والهداية إلى المطلوب، وأشقاهم من عدِم الأمورَ الثلاثة. ومنهم من يكون له نصيب من {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}، ونصيبُه


(١) في «الزهد» (٩١٠). وأخرجه ابن الجعد (١٥٩٣) موقوفًا عن عائشة - رضي الله عنها -، وورد مرفوعًا عن عائشة - رضي الله عنها - عند الترمذي (٢٤١٤)، وصححه ابن حبان (٢٧٦) وأعلَّه أبو حاتم والعقيلي. انظر: العلل لابن أبي حاتم (٥/ ٩٠)، والضعفاء الكبير (٣/ ٣٤٣)، والسلسلة الصحيحة (٥/ ٣٩٢).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من النسخ الخطية.