للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} معدوم أو ضعيف؛ فهذا مخذول مَهين محزون. ومنهم من يكون نصيبُه من {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قويًّا، ونصيبُه من {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} ضعيفًا أو مفقودًا؛ فهذا له نفوذ وتسلط وقوة، [٣٤٩/ب] ولكن لا عاقبة له، بل عاقبته أسوأ عاقبة. ومنهم من يكون له نصيبٌ من {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ولكن نصيبه من الهداية إلى المقصود ضعيف جدًّا، كحال كثير من العُبَّاد والزُّهَّاد الذين قلَّ علمُهم بحقائق ما بعث الله به رسوله من الهدى ودين الحق.

وقول عمر: «فمن خلصت نيته في الحقِّ ولو على نفسه» إشارة إلى أنه لا يكفي قيامُه في الحق لله إذا كان على غيره، حتى يكون أولَ قائم به على نفسه، فحينئذ يُقبَل قيامُه به على غيره، وإلا فكيف يُقبَل الحقُّ ممن أهمل القيامَ به على نفسه؟

وخطب عمر بن الخطاب يومًا وعليه ثوبان، فقال: أيها الناسُ ألا تسمعون؟ فقال سلمانُ: لا نسمَعُ. فقال عمر: ولم يا أبا عبد الله؟ قال: إنك قسمتَ علينا ثوبًا ثوبًا، وعليك ثوبانِ، فقال: لا تعجلْ. يا عبد الله، يا عبد الله. فلم يجبْه أحدٌ. فقال: يا عبد الله بن عمر. فقال: لبيك يا أميرَ المؤمنين. فقال: نشدتُك اللهَ، الثوبُ الذي ائتزرتُ به أهو ثوبُك؟ قال: اللهم نعم. فقال سلمانُ: أمَّا الآنَ، فقلْ نسمَعْ (١).


(١) رواه الزبير بن بكار في «الأخبار الموفقيات» (١٠٩) ولا يصح؛ لأن بين المدائني، وعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مفاوزَ تنقطع فيها أعناق الإبل، والمدائني هو أبو الحسن علي بن محمد، صاحب أخبار، وهو مُقِلٌ من رواية المسندات، قال أبو قلابة الرقاشي: حدثت أبا عاصم النبيل بحديث فقال: عمن هذا؟ قلت: ليس له إسناد ولكن حدثنيه أبو الحسن المدائني. قال لي: سبحان الله أبو الحسن إسناد! وانظر ترجمته: الكامل في ضعفاء الرجال (٦/ ٣٦٤)، ميزان الاعتدال (٣/ ١٥٣)، لسان الميزان (٦/ ١٣).