للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن ذلك: الاكتفاء بقوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: ١١٩] مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: «وما سكَت عنه فهو مما عفا عنه» (١). فكلُّ ما لم يبيِّن الله ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم - تحريمه من المطاعم والمشارب والملابس والعقود والشروط فلا يجوز تحريمها، فإن الله سبحانه قد فصَّل لنا ما حرَّم علينا، فما كان من هذه الأشياء حرامًا فلا بدّ أن يكون تحريمه مفصَّلًا. وكما أنه لا يجوز إباحة ما حرَّمه (٢)، فكذلك لا يجوز تحريمُ ما عفا عنه ولم يحرِّمه. وبالله التوفيق.

الفصل [٢٣٤/ب] الثاني

في بيان أنه ليس في الشريعة شيء على خلاف القياس، وأن ما يُظَنُّ مخالفته للقياس فأحدُ الأمرين لازم فيه، ولا بد: إما أن يكون القياس فاسدًا، أو يكون ذلك الحكمُ لم يثبت بالنص كونُه من الشرع.

وسألتُ شيخنا ــ قدَّس الله روحه ــ عما يقع في كلام كثير من الفقهاء من قولهم: «هذا خلاف القياس» لما ثبت بالنص أو قول الصحابة أو بعضهم، وربما كان مجمعًا عليه، كقولهم: طهارة الماء إذا وقعت فيه نجاسة خلاف (٣) القياس، وتطهير النجاسة على خلاف القياس، والوضوء من لحوم الإبل، والفطر بالحجامة، والسَّلَم، والإجارة، والحوالة، والكتابة،


(١) سبق تخريجه.
(٢) في النسخ المطبوعة: «حرَّمه الله» بزيادة لفظ الجلالة.
(٣) ع: «بخلاف»، وفي النسخ المطبوعة: «على خلاف»، والظاهر أن «على» زيادة من بعض الناشرين، فإنها لم ترد في «مجموع الفتاوى» (١٩/ ٥٠٤).