للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بنصٍّ أو إجماع. وقد بيَّن ذلك سبحانه في قوله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: ٨٩]. فهذا صريح في أن كلَّ يمين منعقدة، فهذا كفارتها. وقد [٢٣٤/أ] أدخلت الصحابة في هذا النص الحلف بالتزام الواجبات والحلف بأحبِّ القربات المالية إلى الله وهو العتق، كما ثبت ذلك عن ستة منهم (١) ولا مخالف لهم من بقيتهم. وأدخلت فيه الحلف بالبغيض إلى الله وهو الطلاق كما ثبت ذلك عن علي بن أبي طالب ولا مخالف له منهم. فالواجب تحكيمُ هذا النص العام، والعملُ بعمومه حتى يثبت إجماع الأمة إجماعًا متيقَّنًا على خلافه، فالأمة لا تُجمع على خطأ البتة.

ومن ذلك: الاكتفاء بقوله - صلى الله عليه وسلم - «من عمل عملًا ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ» (٢) في إبطال كلِّ عقد نهى الله ورسوله عنه، وحرَّمه، وأنه لغو لا يعتدُّ به، نكاحًا كان أو طلاقًا أو غيرَهما، إلا أن تُجمع الأمة إجماعًا معلومًا على أن بعض ما نهى الله ورسوله عنه وحرَّمه من العقود صحيح لازم معتَدٌّ به غير مردود، فهي لا تُجمع على خطأ. وبالله التوفيق.


(١) يُنظر: «الموطأ» للإمام مالك (١٧٥٢)، و «المصنف» لعبد الرزاق (١٥٩٨٧ - ١٥٩٨٩)، و «المصنف» لابن أبي شيبة (١٢٤٧٩)، و «السنن» لأبي داود (٣٢٧٢)، و «حديث علي بن الجعد ــ تخريج أبي القاسم البغوي» (٢٣١٤، ٢٣١٥)، و «الأوسط» لابن المنذر (١٢/ ١٠٩ - ١١١، ١٢٨ - ١٣٠)، و «المسند الصحيح» لابن حبان (٤٠٧٨)، و «السنن» للدارقطني (٤٣٣١، ٤٣٣٢)، و «المستدرك» للحاكم (٤/ ٣٠٠)، و «السنن الكبير» للبيهقي (١٠/ ٣٣، ٦٥ - ٦٧).
(٢) تقدَّم تخريجه.