للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورطاتِ [١٥٦/ب] الرَّجْم بالظنون حتى يخبطوا فيها خبطَ عشواء (١)، ويحكموا بها على الله ورسوله.

قالوا: وأيضًا فقول القيَّاس (٢): هذا حلال، وهذا حرام= هو خبر عن الله سبحانه أنه أحلَّ كذا وحرَّمه، وأنه أخبر عنه بأنه حلال أو حرام؛ فإنَّ حكمَ الله خبرُه. فكيف يجوز لأحد أن يشهد على الله أنه أخبر بما لم يُخبِر به هو ولا رسوله قال الله تعالى: {فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ} [الأنعام: ١٥٠].

قالوا: وأيضًا فالقياس لا بدّ فيه من علة مستنبطة من حكم الأصل، والحكمُ في الأصل يحتمل أن يكون معلَّلًا، وأن يكون غير معلَّل. وإذا كان معلَّلًا احتمل أن يكون لنا طريقٌ إلى العلم بعلَّته، واحتمل أن لا يكون لنا طريق. وإذا كان لنا طريقٌ احتمل أن تكون العلة هي هذه المعيَّنة، وأن تكون جزءَ علة، وأن تكون العلة غيرها. وإذا ظهرت العلة احتمل أن لا تكون في الفرع، وإذا كانت فيه احتمل أن يتخلَّف الحكمُ عنها لمعارض آخر. وما هذا شأنه كيف يكون من حجج الله وبيِّناته وأدلّة الأحكام التي هدى الله بها عباده؟

قالوا: وأيضًا فلو كان القياس حجةً لأفضى ذلك إلى تكافؤ الأدلة الشرعية. وهو محال، فإنه قد يتردد الفرع (٣) بين أصلين أحدهما التحريم والآخر الإباحة. فإذا ظهر في نظر المجتهد شبهُ الفرعِ بكلِّ واحد منهما لزم


(١) في النسخ المطبوعة بعدها زيادة: «في ظلماء».
(٢) ع: «فيقول القيّاس». وقرأها الشيخ عبد الرحمن الوكيل: «فنقول: القياس». وفي طبعة الشيخ محمد محيي الدين ومَن تابعه: «القياسي». والصواب ما أثبتنا.
(٣) في النسخ المطبوعة: «فرع».